لقول الله تعالى: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) فظهر فساد هذه الزيادة جملة وبالله تعالى التوفيق * وذهب آخرون إلى الحجر (1) فقال مالك: من كان يخدع في البيوع ولا يحسن ضبط ماله حجر عليه فلم ينفذ له عتق. ولا صدقة. ولا بيع. ولا هبة. ولا نكاح ولا يكون وليالا بنته في النكاح (2) وكل ما أخذه قرضا لم يلزمه أداؤه ولا قضى عليه به وان رشد بعد ذلك وقال: ما فعل قبل أن يحجر القاضي عليه ففعله نافذ غير مردود إلى أن يحجر القاضي عليه وأجاز لوليه أن يدفع نفقة شهر ونحو ذلك، قال: فان ظهر منه الرشد لم يكن بذلك نافذ الامر حتى يفك القاضي عنه الحجر وأجاز لمن لم يحجر عليه اعطاء كل ما يملك في ضربة وفى مرات وأنفذه عليه، وهذا خطأ ظاهر وتناقض شديد في وجوه جمة * أحدها وأعظمها ابطاله أعماله البر التي ندب الله تعالى إليها وجعلها منقذات من النيران كالعتق.
والصدقة، وابطاله البيع الذي أباحه الله تعالى وهذا صد عن سبيل الله تعالى وتعاون على الاثم والعدوان لا على البر والتقوى بغير برهان لا من قرآن. ولا سنة * وثانيها ابطاله الولاية لمن جعلها الله تعالى وليا لها في الانكاح فإن كان عندهم في حكم الصغير. والمجنون اللذين هما غير مخاطبين ولا مكلفين انقاذ أنفسهما من النار ولا ولاية لهما فليسقطوا عنه الصلاة والصوم وإن كان عندهم مكلفا مخاطبا مأمورا منهيا مندوبا موعودا متوعدا فما بالهم (3) يحولون بينه وبين ما ندبه الله تعالى إليه وجعله في يديه من الولاية بقوله تعالى:
(وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) وما الذي أسقط عنه هذا الخطاب وأوقع عليه الخطاب بالصلاة. والصوم. والتحريم والتحليل. وإقامة الحدود؟
وما ندري ما هذا؟ فان قالوا: لو علمنا أنه يقصد بذلك الله تعالى لم نمنعه قلنا لهم: ما علمكم بهذا منه ولا جهلكم به منه الا كعلمكم به وجهلكم من غيره ممن تطلقونه على كل ذلك وتنفذونه منه ولعله أبعد من تقوى الله تعالى. وأقل اهتبالا بالذين. وأطغى من هذا الذي حلتم بينه وبين ما يقربه من ربه تعالى بالظنون الكاذبة * وثالثها ابطالهم أموال الناس التي يأخذها بالبيع أو القرض اللذين أباحهما الله عز وجل، وهذه عظيمة من العظائم ما ندري أين وجدوا هذا الحكم؟ ونعوذ بالله منه، وهذا ايكال للمال بالباطل وقد حرم الله تعالى هذا أيضا (4)، وإذا أسقطوا عنه حقوق الناس اللازمة له من أثمان البيع ورد القرض