صلى الله عليه وسلم إنما أعطى أرض خيبر بنصف ما يخرج منها لأنها كانت تبعا للسواد؟ وهل يعلم هذا أحد إلا من أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك عن نفسه والا فهو غفلة ممن قاله وقطع بالظن؟ وأما بعد التنبيه عليه فما هو الا الكذب البحث عليه صلى الله عليه وسلم، وإنما الحق الواضح فهو أنه عليه السلام أعطى أرضها بنصف ما يخرج منها من زرع وأعطى نخلها وثمارها كذلك فنحن نقول: هذا سنة وحق أبدا ولا نزيد ونعلم أنه ناسخ لما تقدمه مما لا يمكن الجمع بينهما بظاهرهما، وكذلك أيضا يقال لمن قال بقول أبى بكر بن داود سواء بسواء، والعجب أن بعضهم قال: المخابرة مشتقة من خيبر فدل أنها بعد خيبر * قال أبو محمد: ولو علم هذا القائل (1) قبيح ما أتى به لاستغفر الله تعالى منه ولتقنع حياء منه أما علم الجاهل أن خيبر كان هذا اسمها قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وان المخابرة كانت تسمى بهذا الاسم كذلك. وان اعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بنصف ما يخرج منها من زرع أو ثمر كان إلى يوم موته عليه السلام واتصل كذلك بعد موته عليه السلام؟ فكيف يسوغ لذي عقل أو دين أن يقول: إن نهيه عليه السلام عن المخابرة كان بعد ذلك؟ أترى عهده عليه السلام أتانا من الآخرة بعد موته عليه السلام بالنهي عنها؟
أما هذا من السخف. والتلوث. والعار ممن ينسب إلى العلم ويأتي بمثل هذا الجنون؟ فصح يقينا كالشمس أن النهى عن المخابرة وعن اعطاء الأرض بما يخرج منها كان قبل أمر خيبر بلا شك، وبالله تعالى التوفيق * واحتج المجيزون للكراء بحديث ثابت بن الضحاك (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة وقال: لا بأس بها) * وبالخبر الذي رويناه من طريق مسلم نا إسحاق - هو ابن راهويه - أنا عيسى بن يونس نا الأوزاعي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثني حنظلة بن قيس الزرقي (2) قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والفضة؟ (3) فقال: لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الماذيانات. وأقبال الجداول (4) وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا [ويسلم هذا ويهلك هذا فلم يكن للناس كراء الا هذا فلذلك زجر عنه] فأما شئ معلوم مضمون فلا بأس به، وهذان خبران صحيحان، وبما روينا من طريق البخاري