ثم إذا صحت الهبة عند وجود شرائطها واحتجنا إلى بيان الحكم فنقول:
حكم الهبة ثبوت الملك للموهوب له، غير لازم، حتى يصح الرجوع والفسخ عندنا.
وعند الشافعي: يقع الملك لازما إلا في هبة الولد لولده.
لكن يكره الرجوع في الهبة، لان من باب الدناءة.
وللموهوب له أن يمتنع عن الرد.
ولا يصح الرجوع إلا بتراض أو بقضاء القاضي لأنه فسخ بعد تمام العقد، فصار كالفسخ بسبب العيب بعد القبض.
وإنما يمتنع الرجوع بأسباب منها: العوض للحديث: الواهب أحق بهبته ما لم يثبت منها أي يعوض.
ولكن العوض نوعان: عوض مشروط في العقد، وعوض متأخر عن العقد.
أما المشروط في العقد بأن قال وهبت لك هذا العبد على أن تعوضني هذا الثوب فحكمه أن لكل واحد أن يرجع في السلعتين جميعا، ما لم يتقابضا. وإن قبض أحدهما دون الآخر: كان للقابض وغير القابض الرجوع. فإذا تقابضا جميعا انقطع الرجوع، وصار بمنزلة البيع، وإن كان عقده عقد هبة، حتى يرد كل واحد منهما بالعيب، ويرجع في الاستحقاق، وتثبت الشفعة - وهذا عندنا، وعند زفر عقده عقد بيع - حتى يشترط القبض عندنا، لثبوت الملك في هذه الهبة، ولا يصح في الشيوع وعنده بخلافه.