حقيقة وشرعا، وهذه الأشربة لا يباح شربها ولا الانتفاع بها شرعا، فلا تكون مالا، كالخمر. أبو حنيفة يقول: إن الاخبار تعارضت في هذه الأشربة، في الحل والحرمة، فقلنا بحرمة الشرب احتياطا ولا تبطل المالية الثابتة في الحالة الأولى، احتياطا، لان الاحتياط لا يجري في إبطال حقوق الناس.
وأما حكم الطلاء وحكم مطبوخ التمر، والزبيب، أدنى طبخ، على السواء فالقليل منه حلال ظاهر، والمسكر حرام، وهو القدح الذي يسكر. فإذا سكر يجب عليه الحد. ويجوز بيعه، وتمليكه ويضمن متلفه وهذا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف.
وعن محمد روايتان: في رواية أنه حرام شربه، لكن لا يجب الحد ما لم يسكر وهو قول الشافعي.
وفي رواية قال: لا أحرمه، ولكن لا أشرب منه، والصحيح قولهما، باتفاق عامة الصحابة على إباحة شربه، حتى إن عند أبي حنيفة هذا من علامة مذهب السنة والجماعة، حتى سئل عنها، فقال: السنة أن تفضل الشيخين وتحب الختنين إلى أن قال: ولا تحرم نبيذ الجر.
ثم ما سوى هذه الأشربة مما يتخذ من الحنطة والشعير والذرة والسكر، والفانيذ، والعسل، والتين فهي مباحة، وإن سكر منها، ولا حد على من سكر منها هذا هو الصحيح من الرواية، لأن هذه من جملة الأطعمة، ولا عبرة بالسكر، فإن في بعض البلاد قد يسكر المرء من الخبز ونحوه، والبنج يسكر ولبن الرمكة يسكر.