فأما العوض المتأخر عن العقد فهو لاسقاط الرجوع فلا يصير في معنى المعاوضة لا ابتداء ولا انتهاء، وإنما يكون المال الثاني عوضا عن الأول بالإضافة إليه نصا، بأن أعطى للواهب شيئا، وقال هذا عوض عن هبتك أو قد نحلتك هذا عن هبتك أو كافأتك أو جازيتك أو أثبتك أو قال هذا بدل هبتك أو مكان هبتك أو قد تصدقت بهذا عليك بدلا من هبتك فإن هذا عوض في هذه الوجوه إذا وجد قبض العوض ويكون العوض هبة تصح بما تصح به الهبة وتبطل بما تبطل به الهبة.
فأما إذا لم يضف العوض إلى الهبة الأولى: فإنها تكون هبة مبتدأة، ويثبت حق الرجوع في الهبتين جميعا.
ومنها: العوض من حيث المعنى، وهو ليس بعوض مالي، كالثواب في الصدقة: فإنه يكون عوضا مانعا من الرجوع، وكصلة الرحم المحرم، وصلة الزوجية، حتى لا يصح الرجوع في هبة ذوي الأرحام المحارم، وهبة الزوجين لأنه قد حصل العوض معنى.
ومنها: إذا زادت في الهبة زيادة متصلة: بفعل الموهوب له أو بفعل غيره، بأن كانت جارية مهزولة فسمنت، أو كانت دارا فبنى الموهوب له فيها بناء، أو كانت أرضا فغرس فيها أشجارا أو نصب فيها دولابا، وهو مثبت في الأرض مبني فيها، أو كان ثوبا فصبغه بعصفر، أو قطعه قميصا وخاطه، لان الموهوب اختلط بغيره، والرجوع لا يمكن في غير الموهوب فامتنع أصلا.
أما الزيادة المنفصلة، كالأرش والولد والعقر فلا تمنع الرجوع، لأنه يمكن الفسخ في الام والأصل، دونها، بخلاف زوائد المبيع، لان ثم يؤدي إلى الربا، لأنها عقد معوضة بخلاف الهبة.