وأما القتل بطريق التسبيب:
فنحو من حفر بئرا على قارعة الطريق، فوقع فيه إنسان، ومات - فإنه يجب عليه الدية، دون القصاص، بالاجماع، لأنه مسبب للقتل، وليس بمباشر لان الحفر ليس بقتل.
وعلى هذا - شهود القصاص إذا رجعوا: لا يجب عليهم القصاص، ولكن تجب عليهم الدية، عندنا، خلافا للشافعي، لأنه لم يوجد منهم القتل مباشرة، وإنما وجد منهم سبب القتل.
وأما بيان حكم ما دون النفس - فنقول:
كل ما يمكن فيه القصاص، وهو الفعل العمد الخالي عن الشبهة، فإنه يوجب القصاص. وكل ما لا يمكن القصاص، وهو الفعل الخطأ وما فيه شبهة: ففي بعض الأعضاء تجب دية كاملة، وفي بعض الأعضاء يجب أرش مقدر، وفي البعض تجب حكومة العدل - فنقول:
لا خلاف بين أصحابنا أنه لا يجري القصاص فيما دون النفس بين العبيد، ولا بين الأحرار والعبيد، ولا بين الذكر والأنثى - لان القصاص فيها مبني على التساوي في المنافع والأروش، ولا مساواة بين هؤلاء في منافع الأطراف والأروش، ولهذا لا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء ولا بمنقوصة الأصابع. وكذا لا تقطع اليمنى إلا باليمنى، ولا اليسرى إلا باليسرى.
وكذلك في أصابع اليدين والرجلين: يؤخذ إبهام اليمنى بإبهام اليمنى، والسبابة بالسبابة، والوسطى بالوسطى، ولا يقطع الأصابع إلا بمثلها من القاطع.
وكذلك لا تؤخذ العين اليمنى باليسرى، ولا العين اليسرى باليمنى.