وأما ركن الهبة:
فهو الايجاب والقبول:
فالايجاب قوله وهبت هذا الشئ منك أو جعلته لك أو هذا لك أو نحلته لك أو قال جعلت هذه الدار لك عمري أو عمرك أو حياتي أو حياتك، فإذا مت فهو رد علي فهذا كله هبة، وهي له حياته وموته، والشرط الذي شرطه باطل، على ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: أمسكوا عليكم أموالكم، لا تعمروها، فإن من أعمر شيئا كان لمن أعمره.
ولو قال هذه الدار لك رقبي أو حبيسة ودفعها إليه فهي عارية في يده ويأخذها منه متى شاء وقال أبو يوسف: إذا قبضها فهي هبة، وقوله: رقبي وحبيسة باطل.
ولو قال هذه الدار لك سكنى أو هذه الشاة أو هذه الأرض لك منحة فهي عارية في قولهم جميعا، لان المنحة عبارة عن بذل المنافع، فإذا أضاف إلى عين ينتفع بها مع قيامها، عمل بحقيقته فأما إذا أضاف إلى شئ لا ينتفع به، إلا باستهلاكه، كما إذا منحه طعاما، أو لبنا، أو دراهم، أو دنانير فإنه يكون هبة لأنه لا منفعة له مع قيام عينه. وعلى هذا قالوا: إن عارية الأعيان تمليك المنافع، وعارية المكيل والموزون قرض ويكون تمليك العين.
وكذا لو قال هذه الدار لك سكنى عمري أو عمري سكنى فهي عارية. وكذا إذا قال هبة سكنى أو سكنى هبة فهي عارية.