وأما بيان كيفية فرضه فنقول:
إنه فرض كفاية، لا فرض عين. ونعني به أنه إذا لم يقم به البعض من أهل الثغور وغيرهم ممن هو يقرب منهم، فإنه يفرض على جميع الناس، ممن له قدرة عليه، إما بالنفس أو بالمال. فإذا قام به البعض، سقط عن الباقين، لان المقصود وهو دفع شر الكفرة، والدعاء إلى دين الاسلام يحصل بالبعض، فما لم يتعين البعض، يجب على الكل، وإذا تعين البعض سقط عن الباقين.
ولهذا قلنا: إذا كان النفير عاما يجب على العبد أن يخرج بغير إذن المولى، وعلى المرأة القادرة عليه أن تخرج بغير إذن زوجها، وعلى الولد أن يخرج بغير إذن الوالدين، أو أحدهما، إذا كان الآخر ميتا. فأما إذا قام به البعض فلا يجوز لهؤلاء أن يخرجوا إلا بالاذن.
وأما بيان ما يجب حال شهود الوقعة فنقول:
إذا لقي الغزاة قوما من الكفار فإن لم تبلغهم الدعوة أصلا، ينبغي أن يدعوهم إلى الاسلام أولا. فإن أبوا فإلى الذمة. فإن أبوا فحينئذ يقاتلونهم.
فأما إذا بلغتهم الدعوة، فالأولى البداءة بالدعاء إلى الاسلام. فإن بدأوا بالقتال والإغارة والبينات عليهم، فلا بأس بذلك، لأنه قد توجه عليهم الخطاب بالايمان، باتفاق الأمة.
فإن سمع رجلا قال: لا إله إلا الله أو قال: أشهد أن محمدا رسول الله فإن كان من عبدة الأوثان أو من الثنوية أو من الدهرية:
فإنه لا يباح قتله لأنه أتى بالتوحيد. وإن كان من أهل الكتاب فإتيان الشهادتين لا يكفي، ما لم يتبرأ من دين اليهودية والنصرانية.
وكذا إذا قال: أنا مسلم أو مؤمن أو أنا مصل لأنهم