والثاني:
الماء الذي يكون في البئر والحوض والعين المملوكة له فهو حق خاص له، كالمملوك، لكن لعامة الناس حق الشفة من هذا الماء، حتى يشرب بنفسه، ويأخذ الماء لنفسه ولمواشيه، وليس لصاحب الماء حق المنع، وهو معنى قوله عليه السلام: الناس شركاء في الثلاث: في الماء والكلأ والنار.
ولكن لو أراد أحد أن يسقي زرعه من ذلك الماء، لا يجوز له ذلك، ويمنعه السلطان عنه. لان هذا يبطل حقه، لأنه لو أطلق هذا، لشاركه فيه كل من يمكنه سقي أرضه منه، فيبطل حقه أصلا.
والثالث:
أن يكون نهرا مشتركا بين جماعة محصورة، حتى يثبت الشفعة بسبب الشركة فيه كان لهؤلاء الشركاء حق السقي بقد شركتهم في النهر، وليس لغيرهم حق السقي للمزارع والأشجار، إنما لهم حق الشفة.
ولو أراد واحد من الشركاء أن يكري نهرا صغيرا، ويأخذ الماء من النهر المشترك، فيسوق إلى أرض أحياها، ليس لها منه شرب ليس له ذلك، إلا برضا الشركاء.
وكذلك إذا أراد أن ينصب عليه رحى ليس له ذلك، إلا برضا الشركاء، لان بقعة الرحى حق وملك لجماعتهم، فإذا بنى اختص بتلك البقعة، وانقطع حق الشركاء عنها، فيمنع. أما إذا كان موضع الرحى ملكه، وليس فيه ضرر بالشركاء، بأن كان الماء يدير الرحى ويجري الماء على سننه في النهر - فليس لهم حق المنع، لأن الماء مشترك بينهم، ولكل واحد منهم أن ينتفع بحقه على وجه لا يتضرر به شركاؤه.
فأما إذا كرى نهرا من هذا النهر، وعرج الماء، حتى يصل إلى الرحى