ولو دفع إليه على أن يعمل في سوق الكوفة فعمل بالكوفة في غير سوقها، فهو جائز على المضاربة، استحسانا - لأنه لا يفيد غالبا.
ولو قال له: " تعمل إلا في سوق الكوفة " - فعمل في غير السوق، فباع واشترى، فهو ضامن، لان هذا حجر، والأول تخصيص، وإنما يصح التخصيص إذا كان مفيدا، والحجر عن التصرف في ملك نفسه جائز، ولا يصح التصرف بدون إذنه.
ثم في المضاربة المطلقة إذا نهى رب المال أن يخرج المال من المصر الذي اشتراه منه وعلم بالنهي، فليس له أن يخرجه، وحاصل هذا أن في المضاربة المطلقة إن خصصها رب المال بعد العقد:
فإن كان رأس المال بحاله أو اشترى به متاعا ثم باعه وقبض ثمنه دراهم ودنانير: فإن تخصيصه جائز، كما لو خصص المضاربة في الابتداء، لأنه يملك التخصيص إذا كان فيه فائدة.
أما إذا كان مال المضاربة عروضا: فليس يصح نهي رب المال حتى يصير نقدا، وذلك نحو أن يقول: " لا تبع بالنسيئة "، لان المضاربة تمت بالشراء، ولو أراد العزل عن البيع، لم يصح عزله، فكذلك عن صفته.
ومنها - أن المضارب ليس له أن ينفق من مال المضاربة ما دام في مصره، وإذا سافر أنفق من مال المضاربة لنفقته، وكسوته، ومركوبه، وعلف دوابه، ونفقة أجيره، ومؤونته وما لا بد في السفر منه عادة إلا مؤونة الحجامة والخضاب والنورة (1): فهو من ماله.
وروى الحسن أن كل ما يثبت فيه نفقة الانسان، كان فيه الدواء والحجامة، في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وكذلك الدهن، وقال محمد: الدهن في ماله.