للانسان أن يتكامل فيها. والتكامل لا يحصل إلا من خلال العمل والتطبيق، والعمل لا يكون إلا من خلال الحكم الشرعي، والحدود الإلهية.
والعلاقة الأخلاقية، كما تتصورها هذه المدرسة بين الانسان والله تعالى، هي علاقة العبد بالمولى، والمطيع بالأمر، والمحكوم بالحاكم.
ولهذه المدارس في منهاجها آثار نفسية، وسلوكية، واجتماعية على ملتزميها، قد تتداخل، أو تختلف، أو تتكامل (1)، ويتوقف ذلك بشكل إجمالي على حفظ الموازنة بين هذه الخلفية الأخلاقية.
ولا نريد هنا أن نعرف الموازنة ولا التمييز والتفاضل والترجيح بين هذه المدارس، ولكن يبدو من الواضح - والله العالم - إن المدرسة الثالثة في توجهها ومنهجها وسلوكها، تشكل الأساس الذي لا يمكن العدول عنه، بل يمكن الإضافة إليه والتكامل فيه.
هذا كله من قطع النظر عن أصول هذه المدارس، والاستدلال الذي يستخدمه أصحابها لتأكيد صحتها، استنادا إلى الكتاب الكريم أو الأحاديث الشريفة، والسيرة النبوية، أو سيرة الأئمة المعصومين.
ولعل أهم ما تختلف فيه المدرسة الأخيرة عن المدرستين الأوليتين عادة، وفي السيرة الخارجية لها نقطتان مهمتان:
أحدهما: إن منهج المدرسة الأخيرة، واضح من خلال الحكم الشرعي، والحدود الإلهية، فهي تشخص المحتوى الأخلاقي ومضمونه، وفي نفس الوقت تحدد الطريق للوصول إليه استنادا للحكم الشرعي، الذي وضع تحت نظر عامة الناس، وفي متناول أيديهم.
بخلاف المدرستين الأخريتين اللتين تحتاجان إلى استنباط منهج للأصول، أو مستوى معين من الادراك والمعرفة.