الأولى: هي المدرسة الفلسفية، التي تحاول أن تستند في رؤيتها للحقائق الأخلاقية والكمالات الإلهية، على طريقة المعرفة المنطقية، والبراهين العقلية، أو طريقة الكشف والرياضة النفسية الروحية، ذات السلوك الخاص، الذي يتجه إلى التمييز بين الخاص والعام، وبين أصحاب المعرفة والسلوك، وعامة الناس المؤمنين.
والعلاقة الأخلاقية بين الانسان والله تعالى، كما يفهمها هؤلاء الأخلاقيون، هي علاقة المكتشف مع الحقيقة المطلقة، فكلما اقترب هذا الانسان المكتشف من هذه الحقيقة، كان أكثر كمالا وأسمى أخلاقا.
ويحاول أصحاب هذه المدرسة أن يتوصلوا إلى الكمالات الإلهية من خلال معرفة الحقائق الكونية، واكتشاف المزيد من معالم الشهود أو الغيب، بالتفكر والتأمل.
الثانية: المدرسة الصوفية، التي تحاول أن تصل إلى الكمالات الإلهية، من خلال تثوير وتأجيج الأحاسيس والمشاعر والعواطف الخيرة، التي أودعها الله تعالى في الانسان، والتي تعتمد بشكل أساسي على الحب والتقديس لله تعالى، والصفات الإلهية.
وتهتم هذه المدرسة بتطوير هذه المشاعر، وبالتعبير عنها باستمرار، حيث من خلالها يمكن أن يتوصلوا إلى هذه الكمالات الإلهية.
وهم يتصورون العلاقة الأخلاقية بين الانسان والله تعالى، هي علاقة المحب بحبيبه، والعاشق بمعشوقه. فالخلوة بالمعشوق وعدم الانشغال عنه بغيره واللقاء به، والانصراف إليه، كل ذلك من التعبيرات السلوكية عن التكامل الأخلاقي.
الثالثة: المدرسة الشرعية، التي يحاول أبناؤها أن يصلوا إلى الكمالات الإلهية، من خلال الطاعة والامتثال والالتزام بالحدود، والأحكام الشرعية، والورع، والتقوى، واقتران الايمان بالعمل، والقول، والفعل. وإن الكمال الإلهي، لا يصل إليه العبد بنظرهم، إلا من خلال الايمان، والايمان له مراتب، يمكن