فهو يبتسم ويظهر البشاشة لمن يلتقي بهم، ولكن دون مزاح، ويحاول أن يبدأ بالحديث والسؤال لإزالة الكلفة من الزائر أو الذي يلتقي به، حتى لو كان انسانا بسيطا، وكان يبدأ بالسلام على المؤمنين أو من يلتقي بهم في الطريق، حتى أن بعضهم يفاجأ بذلك. وكان يحسن للمسيئين إليه ويستغفر لهم. ولا يتحدث في مجلسه بما يسئ لأحد من الناس أو يجرحه.
لقد كان من الصعوبة بمكان، حتى لمقربيه أن يميزوا بين من يحبهم الإمام الحكيم ومن لا يحبهم، حيث كان يتعامل معهم جميعا بالاحترام والاكرام والبشاشة، ويميز بينهم بالعلم والفضل.
لقد كان أحد الأشخاص من أهل العلم يتحامل بقسوة على الإمام الحكيم في بعض الأدوار، وكان الإمام الحكيم يرسل إليه بالمال، فقيل له في ذلك، فقال:
إن فلانا متدين في ما أعهد، وهو عندما يتكلم على لأنه يعتقد بما يقول، وإن كان مخطئا في الواقع فلذا لا بد لي من أن أرعى ذلك فيه.
لقد كان الأدب الاجتماعي الرفيع العالي يتصف به الإمام الحكيم من مقومات حسن المعاشرة هذه، سواء على مستوى المجالات العرفية التي أمر الشارع المقدس بها، حيث لم يتخل الإمام الحكيم عن ذلك حتى في أحرج الأوقات، كما أشرنا سابقا.
كما لم نلاحظ - وذكر ذلك بعض مقربيه أيضا - الإمام الحكيم يقهقه في ضحكه أو يمزح بشكل حاد، وإنما كان يبتسم، وعندما يرى ما يثير الضحك يتفاعل معه بأدب عال، يجمع فيه بين حسن المعاشرة، ولطافة الذات، والمشاعر الانسانية، والأدب الرفيع.
كما كان يتمثل هذا الأدب الرفيع في حسن المعاشرة في تعامله مع أهل بيته وأولاده، فهو لم يكن يثقل عليهم بشئ ولا يكاد يكلفهم بشئ يرتبط بشخصه إلا في حدود الضرورات، ولا يحملهم ما يضيق عليهم أو يصيبهم فيه العنت.