وكل من طلق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها منه، فإن كان سمى لها صداقا فلها نصف الصداق فإن لم يكن سمى لها صداقا فلا صداق لها ولكن يمتعها بشئ قل أم كثر على قدر يساره. فالموسع يمتع بخادم أو دابة والوسط بثوب والفقير بدرهم أو خاتم، كما قال الله تبارك وتعالى: ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف.
فإذا أراد المطلق للسنة أن يطلقها ثانية بعد ما دخل بها طلقها مثل تطليقته الأولى على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين يتربص بها حتى تستوفى قروءها فإن زوجته نفسها بمهر جديد وأراد أن يطلقها الثالثة وقد بانت منه ساعة طلقها ولا تحل للأزواج حتى تستوفى قروءها ولا يحل لها حتى تنكح زوجا غيره، وروي أنها لا تحل له أبدا إذا طلقها طلاق السنة على ما وصفناه، وسمي طلاق السنة الهدم لأنه متى استوفت قروءها وتزوجها الثانية هدم طلاق الأول، وروي أن طلاق الهدم لا يكون إلا بزوج ثان.
وأما طلاق العدة: فهو أن يطلق الرجل امرأته على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين ثم يراجعها من يومه أو من غد أو متى ما يريد من قبل أن تستوفى قروءها وهو أملك بها، وأدنى المراجعة أن يقبلها أو ينكر الطلاق فيكون إنكاره للطلاق مراجعة فإذا أراد أن يطلقها ثانية لم يجز ذلك إلا بعد الدخول بها فإن دخل بها وأراد طلاقها تربص بها حتى تحيض وتطهر ثم يطلقها في قبل عدتها بشاهدين عدلين فإن أراد مراجعتها راجعها، وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج وإنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان، فإن طلقها الثالثة فقد بانت منه ساعة طلقها الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فإذا انقضت عدتها منه وتزوجها رجل آخر وطلقها أو مات عنها وأراد الأول أن يتزوجها فعل، فإن طلقها ثلاث تطليقات على ما وصفته واحدة بعد واحدة فقد بانت منه ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبدا.
واعلم أن كل من طلق تسع تطليقات على ما وصفت لم تحل له أبدا، والمحرم إذا تزوج في إحرامه فرق بينهما ولا تحل له أبدا، ومن تزوج امرأة لها زوج دخل بها أو لم يدخل بها أو زنى بها لم تحل له أبدا، ومن خطب امرأة في عدة للزوج عليها رجعة أو تزوجها وكان عالما لم تحل له أبدا، فإن كان جاهلا وعلم من قبل أن يدخل بها تركها حتى تستوفى عدتها من