واختلف المفسرون فيه فقال قوم: المعنى في جميع ذلك واحد. وقال آخرون: هو مختلف من حيث أن الثاني معناه أن العمرة لا ينبغي أن تكون في الأشهر الثلاثة على التمام لأنها من أشهر الحج، والأول على أنها ينبغي أن يكون في شهرين وعشرا وتسع من الثالث.
فإن قيل: كيف جمع شهرين وعشرة أيام ثلاثة أشهر.
قلنا: لأنه قد يضاف الفعل إلى الوقت وإن وقع في بعضه، ويجوز أن يضاف الوقت إليه كذلك كقولك: صليت يوم الجمعة، وصليت يوم العيد، وإن كانت الصلاة في بعضه، وقدم زيد يوم كذا، وقدومه في بعض اليوم، فكذلك جاز أن يقال: ذو الحجة شهر الحج وإن كان في بعضه وإنما يفرض الإحرام بالحج في البعض.
فصل:
وقوله تعالى: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.
فمن فتح الجميع فقد نفى جميع الرفث والفسوق والجدال، كقوله تعالى: لا ريب فيه، فقد نفى جميع الريب. ومن رفع فعلى الابتداء وخبره في الحج، ويعلم من الفحوى أنه ليس المنفى رفثا واحدا ولكنه جميع ضروبه.
والرفث ههنا عندنا كناية عن الجماع وهو قول ابن عباس وقتادة وأصله الإفحاش في المنطق في اللغة، وعن جماعة المراد ههنا المواعدة للجماع والتعريض للجماع أو المداعبة كله رفث.
والفسوق قيل: هو التنابز بالألقاب، لقوله: بئس الاسم الفسوق. وقيل: هو السباب، لقوله ع: سباب المؤمن فسوق. وروى بعض أصحابنا: أن المراد به الكذب، والأولى أن نحمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها، وبه قال ابن عمر.
وقد يقول القائل: ينبغي أن تقيد لسانك في شهر رمضان لئلا يبطل صومك، فيخصه بالذكر لعظم حرمته.
وقوله: ولا جدال في الحج. فالذي رواه أصحابنا: أنه قول: لا والله وبلى والله،