فيعلم من مخاطبتهم أن عنوان المحرم عندهم إنما كان معلوما بينهم ومرتكزا في أذهانهم، وأما كونه حالة نفسانية أو عبارة عن نفس التروك أو العزم عليها أو التوطين للترك، خلاف ما هو الظاهر عندهم والمعروف بينهم.
وبالجملة الأظهر إن الاحرام أمر انشائي يوجده المحرم بتحريم المحرمات على نفسه وإن كان لا يؤثر في التحريم قبل التلبية، كما هو المستفاد من المحقق في الشرائع حيث قال في بيان كيفية الحج:
فصورته أن يحرم من الميقات للعمرة. إلى أن قال ثم ينشئ احراما آخر للحج من مكة. الظاهر في أن الاحرام أمر انشائي، وقد عبر بمثل ذلك في التحرير والسرائر.
وقال بعض الأعاظم في تعليقته على العروة: إن الاحرام من العناوين القصدية لا يمكن تحققه بدون القصد إليه.
ولا ينافي ما ذكرناه قولهم في كيفية الاحرام: إن واجباته ثلاثة النية ولبس الثوبين والتلبية، وكذا قولهم: إن الاحرام مركب من النية ولبس الثوبين والتلبية أو الاشعار والتقليد، فإن وجوب تلك الأمور في الاحرام لا يلازم كونه عبارة عن تلك الأمور لا غيرها بل يدل على أن الاحرام بأي معنى كان لا يصح بدونها.
وأما كونه مركبا من الأمور المتقدمة أنه لا يحكم شرعا بتحريم المحرمات إلا بعد الأمور المذكورة من النية ولبس الثوبين والتلبية أو الاشعار والتقليد، ولا يكفي مجرد انشاء التحريم من