إذا الظاهر من ذكر هذا الدعاء أن الاحرام عنده عبارة عن تحريم المحرمات على نفسه قربة إلى الله تعالى، تلفظ به أو نوى ذلك من دون التلفظ.
وفي كشف الغطاء: إن حقيقة الاحرام عبارة عن حالة تمنع عن فعل شئ من المحرمات المعلومة، ولعل حقيقة الصوم أيضا كذلك فهما عبارة عن المحبوسية عن الأمور المعلومة، فيكونان غير القصد والكف والترك والتوطين، فلا يدخلان في الأفعال ولا الأعدام، بل هما حالتان متفرعتان عليهما، ولا يجب على المكلفين من العلماء فضلا عن العوام الاهتداء إلى معرفة الحقيقة، وإلا لزم بطلان عبادة أكثر العلماء وجميع العوام - انتهى.
والظاهر أن مقصوده من الحالة التي تمنع عن المحرمات، الحالة النفسانية التي تتولد منها التروك المذكورة، نظير ملكة العدالة وتلك الحالة تحدث في النفس بعد العزم والتوطين على ترك المحرمات، وكذا تحدث بعد البناء على تحريم المحرمات على النفس أحيانا.
ولكن ما هو الظاهر من كلمات العلماء وكذا من الأخبار أن الاحرام فعل من أفعال الحج، ويجب على المكلف ايجاده في الخارج، لا أنه حالة نفسانية يجب عليه الاتصاف بها. وأما ما ذكره من أنه لا يجب على المكلفين الاهتداء إلى معرفة الحقيقة، ففيه أيضا أنه كيف يجب على المكلف، ما لا يتصوره ولا يعلمه ولو اجمالا