____________________
احتمل نجاسة أبوال الدواب أو كان معتقدا بها لبعد ذلك في حق علي بن جعفر ونظرائه لجلالة شأنه وكثرة رواياته. فلعله كان عالما بطهارة بول الدواب كما دلت عليها جملة من الأخبار على ما أسلفناه في محله وإنما سأل أخاه عن تقديم أحد المستحبين على الآخر فبذلك تصبح الصحيحة غير مبنية فلا يعتمد عليها في مقام الاستدلال. ومما يؤيد ذلك أن بول الدواب لو كان محكوما بالنجاسة عند السائل لم يكن يرتضي بتفصيله عليه السلام بين صورتي جفافه وعدمه وكان من حقه أن يعترض على الإمام لوضوح أن النجس واجب الإزالة عن المساجد جف أم لم يجف وهذا بخلاف ما إذا كان معتقدا بطهارته لأن تفصيله عليه السلام بين الصورتين حينئذ وحكمه بتقديم إزالة البول على الصلاة مع الرطوبة مستند إلى استقذاره واشتماله على الرائحة الكريهة ولذلك كانت إزالته أولى من المبادرة إلى الصلاة كما أن حكمه عليه السلام بتقديم الصلاة على الإزالة عند الجفاف مستند إلى انقطاع رائحته وعدم استقذاره ولذا كانت المبادرة إلى الصلاة أولى من المبادرة إلى إزالته فلا مورد للاعتراض حينئذ فالمتحصل أن الصحيحة مجملة ولا دلالة لها على المدعى. نعم يمكن الاستشهاد على ذلك بجملة من الأخبار المستفيضة الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجدا بعد تنظيفه وطمه بالتراب معللا في بعضها بأن التراب يطهره (* 1) لدلالتها على أن الأرض المتنجسة لا يجوز اتخاذها مسجدا إذا لم ينظف ولم تطم بالتراب فمقتضى تلك الأخبار أن المسجدية والنجاسة أمران متنافيان ولا يجتمعان فتجب إزالتها عنه كما يحرم تنجيسه ثم إنها إنما تقتضي وجوب إزالة النجاسة عن ظاهر المساجد فحسب وأما باطنها فلا تجب إزالتها عنه كما لا يحرم تنجيسه، لعدم منافاة نجاسة الباطن مع المسجدية وإلا لم يكف طم الكنيف في جواز اتخاذه مسجدا لأن طمه بالتراب إنما يقطع