وإذا قال: له علي ألف درهم وديعة، قبل منه، لأن لفظة علي للإيجاب، وكما يكون الحق في ذمته، فيجب عليه تسليمه بإقراره، كذلك يكون في يده، فيجب عليه رده وتسليمه إلى المقر له بإقراره.
ولو ادعى التلف بعد الإقرار قبل، لأنه لم يكذب إقراره، وإنما ادعى تلف ما أقر به بعد ثبوت بإقراره، بخلاف ما إذا ادعى التلف وقت الإقرار، بأن يقول:
كان عندي أنها باقية، فأقررت لك بها، وكانت تالفة في ذلك الوقت، فإن ذلك لا يقبل منه، لأنه يكذب إقراره المتقدم من حيث كان تلف الوديعة من غير تعد يسقط حق المودع.
والذي يقوى في نفسي، أنه إذا قال: له علي ألف درهم وديعة، لا يقبل منه، لأن لفظة " علي " للإيجاب والالتزام، والوديعة غير لازمة له ولا واجبة في ذمته، ولا في يده، فلا يجب تسليمها إلا بعد مطالبة المودع، فحينئذ يجب، وقبل ذلك لا يجب، فإذن التمسك الأول غير معتمد، بل لو قال: له عندي ألف درهم وديعة، قبل منه، لأن عندي لفظة غير موجبة ولا لازمة، وإن كان قد ذكر الأول بعض أصحابنا (1)، وسطره في كتابه، فإنه من تخاريج المخالفين، واستحساناتهم، فأما كلام العرب الذي نزل القرآن بلغتهم، يقتضي ما ذكرناه، إذ لا نص على خلاف ما ذهبنا إليه، ولا إجماع.
وإذا قال: له علي ألف درهم إن شئت، لم يكن لكلامه حكم، لأن الإقرار إخبار عن حق واجب سابق له، وما كان كذلك لم يصح تعلقه بشرط مستقبل.
وإذا قال: له من ميراثي من أبي ألف درهم، لم يكن أيضا إقرارا، لأنه أضاف الميراث إلى نفسه، ثم جعل له منه جزء ولا يكون له جزء من ماله إلا على وجه الهبة أو الصدقة.