إذا وجد لقطة، وجاء رجل فوصفها، فإنه لا يخلو أن يكون معه (1) بينة، أو لم يكن معه بينة، فإن وصفها، ومعه بينة، فإنه يعطيه (2)، فإن كان معه شاهد واحد، حلف معه، وإن لم يكن معه بينة، فإنه لا يعطيه، فإن وصفها ولم يكن معه بينة، ووصف عفاصها (بالعين غير المعجمة المكسورة، والفاء، والصاد غير المعجمة، وهي الجلدة التي فوق صمام القارورة، ووكاها، وهو شدادها) وذكر وزنها، وعددها، وحليتها (3)، ووقع في قلبه، وغلب على ظنه أنه صادق، يجوز أن يعطيه، فأما اللزوم، فلا يلزمه الدفع إليه.
وقال قوم شذاذ من غير أصحابنا: يلزمه أن يعطيه، إذا وصفها، والأول أصح، لأنه لا دلالة على وجوب تسليمها إليه.
فإذا ثبت ذلك، ووصفها إنسان، وقلنا يجوز أن يسلمها إليه، فأعطاه، ثم جاء آخر، وأقام بينة بأنها له، انتزعت من الذي تسلمها، وأعطيت الذي أقام البينة، لأنه أقام بينة، وليس عليه أكثر من إقامتها، فإن أقام آخر بينة بأنها له، فالذي يقتضيه مذهبنا، أنه يستعمل القرعة.
والأقوى عندي أنه إذا لم يقم البينة، لا يعطيه إياها، سواء غلب في ظنه صدقه، أو لم يغلب، لأنه لا دليل عليه، والذمة اشتغلت بحفاظها وتعريفها، وإن لا يسلمها إلا إلى صاحبها، وهذا الواصف ليس بصاحبها، على ظاهر الشرع والأدلة.
إذا قال: من جاء بعبدي الآبق فله دينار، فجاء به واحد، استحق الدينار، وكذلك إن جاء به اثنان، أو ثلاثة، وما زاد على ذلك، ولو قال: من دخل داري فله دينار، فدخلها اثنان فصاعدا، استحق كل واحد دينارا، والفرق بينهما أن من قال: من دخل داري فله كذا، علق الاستحقاق بالدخول، وقد وجد من كل واحد منهم ذلك، فاستحقه، وليس كذلك الرد، لأنه علق الاستحقاق برده، ولم