وذكر شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه في أول كتاب الرضاع، مسألة:
إذا حصل الرضاع المحرم، لم يحل للفحل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه، ولا لأحد من أولاده من غير هذه المرضعة، ومنها، لأن إخوته وأخواته صاروا بمنزلة أولاده (1).
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: قول شيخنا رحمه الله في ذلك غير واضح، وأي تحريم حصل بين أخت هذا المولود المرتضع، وبين أولاد الفحل، وليس هي أختهم لا من أمهم ولا من أبيهم، والنبي عليه السلام جعل النسب أصلا للرضاع في التحريم فقال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وفي النسب لا يحرم على الإنسان نكاح أخت أخيه التي لا من أمه ولا من أبيه، فليلحظ ذلك ويتأمل.
باب الكفاءة في النكاح واختيار الأزواج قال الجوهري في كتاب الصحاح: الكفئ النظير، وكذلك الكفؤ والكفوء، على فعل وفعول، والمصدر الكفاءة بالفتح والمد (2).
فعندنا أن الكفاءة المعتبرة في النكاح أمران، الإيمان، واليسار بقدر ما يقوم بأمرها، والإنفاق عليها، ولا يراعى ما وراء ذلك من الأنساب والصنايع.
والأولى أن يقال: إن اليسار ليس بشرط في صحة العقد، وإنما للمرأة الخيار إذا لم يكن موسرا بنفقتها، ولا يكون العقد باطلا، بل الخيار إليها، وليس كذلك خلاف الإيمان الذي هو الكفر إذا بان كافرا، فإن العقد باطل، ولا يكون للمرأة الخيار كما كان لها في اليسار، فليلحظ ذلك ويتأمل، فقد يوجد في كثير من الكتب المصنفة إطلاق ذلك، وإن الكفاءة المعتبرة في صحة النكاح عندنا أمران، الإيمان والنفقة، وتحريره ما ذكرناه وبيناه.
فعلى هذا التحرير، يجوز للعجمي أن يتزوج بالعربية، وللعامي أن يتزوج بالهاشمية، لأن الرسول عليه السلام زوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب