المنكر لا ينقسم، بل كله قبيح، فالنهي عنه كله واجب.
والنهي عن المنكر له شروط ستة، أحدها أن يعلمه منكرا، وثانيها أن يكون هناك أمارة الاستمرار عليه، وثالثها أن يظن أن إنكاره يؤثر أو يجوزه، ورابعها أن لا يخاف على نفسه، وخامسها أن لا يخاف على ماله، وسادسها أن لا يكون فيه مفسدة، وإن اقتصرت على أربعة شروط كان كافيا، لأنك إذا قلت: لا يكون فيه مفسدة، دخل فيه الخوف على النفس والمال، لأن ذلك كله مفسدة.
والغرض بإنكار المنكر، أن لا يقع، فإذا أثر القول والوعظ في ارتفاعه، اقتصر عليه، ولا يجوز حينئذ باليد، وإن لم يؤثر وجب باليد، بأن يمتنع (1) منه، ويدفع عنه، وإن أدى ذلك إلى إيلام المنكر عليه، والإضرار به، وإتلاف نفسه بعد أن يكون القصد ارتفاع المنكر، وأن لا يقع من فاعله، ولا (2) يقصد إيقاع الضرر به.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتاب الإقتصاد: غير أن ظاهر مذهب شيوخنا الإمامية، أن هذا الجنس من الإنكار، لا يكون إلا للإمام، أو لمن يأذن له الإمام فيه. ثم قال رحمه الله: وكان المرتضى رحمه الله يخالف في ذلك، ويقول: يجوز فعل ذلك بغير إذنه، لأن ما يفعل بإذنهم يكون مقصودا، وهذا بخلاف ذلك، لأنه غير مقصود، وإنما قصده المدافعة والممانعة، فإن وقع ضرر فهو غير مقصود (3)، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي في الإقتصاد.
وما ذهب السيد المرتضى رضي الله عنه إليه، هو الأقوى، وبه أفتي، وقد رجع شيخنا أبو جعفر الطوسي، إلى قول المرتضى في كتاب التبيان (4)، وقواه،