باد، فلما قال: لباد، دل عليه أنه لا يكون سمسارا له.
ووجدت بعض المصنفين، قذ ذكر في كتاب له، قال: نهي أن يبيع حاضر لباد، فمعنى هذا النهي، والله أعلم، معلوم في ظاهر الخبر، وهو الحاضر للبادي، يعني متحكما عليه في البيع، بالكره، أو بالرأي الذي يغلب به عليه، يريه أن ذلك نظر له، أو يكون البادي يوليه عرض سلعته، فيبيع دون رأيه، أو ما أشبه ذلك. فأما إن دفع البادي سلعته إلى الحاضر، ينشرها للبيع، ويعرضها، ويستقصي ثمنها، ثم يعرفه مبلغ الثمن، فيلي البادي البيع بنفسه، أو يأمر من يلي ذلك له بوكالته، فذلك جائز، وليس في هذا من ظاهر النهي شئ، لأن ظاهر النهي، إنما هو أن يبيع الحاضر للبادي، فإذا باع البادي بنفسه، فليس هذا من ذلك بسبيل، كما يتوهمه من قصر فهمه، هذا آخر الكلام. فأحببت إيراده هاهنا، ليوقف عليه، فإنه كلام محصل، سديد في موضعه.
فأما المتاع الذي يحمل من بلد إلى بلد، لبيعه السمسار، ويستقصي في ثمنه، ويتربص، فإن ذلك جائز، لأنه لا مانع منه، وليس كذلك في البادية.
ولا يجوز تلقي الجلب، ليشتري منهم قبل دخولهم البلد، لأن النبي عليه السلام قال: لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا تلقوا السلع، حتى يهبط بها الأسواق (1).
وروي عنه عليه السلام أنه نهى عن تلقي الجلب، فإن تلقى متلق فاشتراه، فصاحب السلعة بالخيار، إذا ورد السوق (2).
فإن تلقى واشتراه، يكون الشراء صحيحا، لأن النبي عليه السلام، أثبت الخيار للبايع، والخيار لا يثبت إلا في عقد صحيح، وخياره يكون على الفور مع