طريق بعيدة، تقصر الصلاة إليه (1) أو جاء به من طريق دون ذلك، ثم ذكر بعد هذا القول أقوال المخالفين، ثم قال: وأول الأقوال أصح، وأقرب إلى السداد، ثم قال: وقد روى أصحابنا فيمن رد عبدا أربعين درهما قيمته أربعة دنانير، ولم يفصلوا، ولم يذكروه في غيره شيئا، ثم قال رحمه الله: وهذا على جهة الأفضل، لا الوجوب، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطه (2) وهو الحق اليقين.
ولا تدخل الأمة في العبد، بل لو وجد إنسان أمة، لم يكن حكمها حكم العبد، لأن القياس عندنا باطل، ولم ترد الأخبار إلا بالعبد، والأنثى يقال لها عبدة وأمة، ولا تدخل الإناث في خطاب الذكران، إلا على سبيل التغليب، عند بعضهم، وذلك مجاز، والكلام في الحقائق، وليس كذلك البعير، لأن البعير يدخل فيه الذكر والأنثى، لأنه بمنزلة الإنسان من ابن آدم، فليلحظ ذلك ويتأمل.
ومن وجد شيئا يحتاج إلى النفقة عليه، فسبيله أن يرفع خبره إلى السلطان، لينفق عليه من بيت المال، فإن لم يجده، وأنفق عليه هو، وأشهد على ما قلناه، كان له الرجوع على صاحبه بما أنفقه عليه، وإن كان ما أنفق عليه قد انتفع بشئ من جهته، إما بخدمته، أو ركوبه أو لبنه، وكان ذلك بإزاء ما أنفق عليه، لم يكن له الرجوع على صاحبه بشئ.
والذي ينبغي تحصيله في ذلك، أنه إن كان انتفع بذلك قبل التعريف والحول، فيجب عليه أجرة ذلك، وإن كان انتفع بلبن، فيجب عليه رد مثله، والذي أنفقه عليه يذهب ضياعا، لأنه بغير إذن من صاحبه، والأصل براءة الذمة، وإن كان بعد التعريف والحول، فإنه لا يجب عليه أجرة، ولا رد شئ من الألبان والأصواف، لأنه ماله، بل هو ضامن للعين الموجودة فحسب.