ومن المباح، إذا أعطى الإنسان غيره شيئا ليضعه في الفقراء، وكان هو محتاجا إلى شئ من ذلك، جاز له أن يأخذ منه، إذا كان مستحقا، ومن أهله، مثل ما يعطي غيره، ولا يفضل نفسه على أحد، إلا أن يفضله صاحب المال، فإن عين له على أقوام بأعيانهم، لم يجز له أن يتعدى ما أمره به، ولا يجوز له أخذ شئ منه عند ذلك.
وكسب القابلة حلال، وكسب الحجام حلال طلق، إذا لم يشترط.
فأما المكروه، فجميع ما كره، من المآكل، والمشارب، وكسب الحجام، إذا شارط، والرزق على القضاء وتنفيذ الأحكام، من قبل الإمام العادل، والأجر على تعليم القرآن، ونسخ المصاحف، مع الشرط في ذلك، ومع ارتفاعه فهو حلال طلق، وهذا مذهب جميع أصحابنا، وعليه إجماعهم منعقد، ومذهب شيخنا أبي جعفر، في نهايته (1)، وفي جميع كتبه، إلا في استبصاره (2)، فإنه ذهب إلى حظره مع الشرط، وإلى كراهته مع ارتفاع الشرط، معتمدا على خبر (3) روته رجال الزيدية، فأراد أن يجمع بينه، وبين ما رواه أصحابنا من الأخبار الواردة بالكراهة مع الشرط (4) وليس في أخبارنا التي أوردها رحمه الله في استبصاره، ما يدل على الحظر والتحريم، ولا يلتفت إلى خبر شاذ، يرويه رجال الزيدية، وأيضا أخبار الآحاد، وإن كانت رجالها عدولا، لا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، بل المرجع في ذلك إلى الأدلة القاطعة للأعذار، ولا خلاف بيننا في أن تعليم القرآن يجعل مهورا للنساء، ويستباح به الفروج، فكيف يصح أن يجعل الأجرة المحرمة مهرا، وما قاله شيخنا في هذا الكتاب المشار إليه، أعني الاستبصار، فعلى طريق التأويل، والوساطة، والجمع، دون الاعتقاد لكونه محرما محظورا، لأن ما يقال