ومتى دعي الإنسان لإقامة شهادة، لم يجز له الامتناع منها على حال، إلا أن يعلم أنه إن أقامها أضر ذلك بمؤمن ضررا غير مستحق بأن يكون عليه دين، وهو معسر، ويعلم (1) إن شهد عليه حبسه الحاكم، فاستضر به هو وعياله، لم يجز له إقامتها.
وإذا أراد إقامة شهادة، لم يجز له أن يقيم (2) إلا على ما يعلمه ويتيقنه، ويقطع عليه، ولا يعول على ما يجد خطه به مكتوبا، أو خاتمه مختوما، لما قدمناه من قوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم " (3) وقول الرسول عليه السلام، لما سئل عن الشهادة، فقال للسائل: فهل ترى الشمس، على مثلها فاشهد أو دع (4)، وما روي عن الأئمة الأطهار، في مثل هذا المعنى أكثر من أن تحصى، قد أورد بعضه شيخنا أبو جعفر في استبصاره (5).
وقال شيخنا في نهايته: وإذا أراد إقامة الشهادة، لم يجز له أن يقيم إلا على ما يعلم، ولا يعول على ما يجد خطه به مكتوبا، فإن وجد خطه مكتوبا، ولم يذكر الشهادة، لم يجزله إقامتها، فإن لم يذكر، وشهد معه آخر ثقة، جاز له حينئذ إقامة الشهادة (6).
وهذا غير صحيح ولا مستقيم، لما قدمناه من القرآن والأخبار والإجماع، ولا يلتفت إلى خبر ضعيف قد أورده إيرادا لا اعتقادا، فإنه رحمه الله رجع عن قوله في نهايته في استبصاره (7)، وأورد الأخبار المتواترة، في أن الإنسان لا يجوز له أن يقيم، إلا بعد الذكر للشهادة، ولا يجوز له أن يعول على خطه وخاتمه، ثم أورد بعد ذلك في آخر الباب خبرا خبيئا، ضعيفا شاذا مخالفا لأصول مذهب أهل البيت عليهم السلام، موافقا لمذاهب أهل الغلو والإلحاد، وهو عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يشهدني على الشهادة (8)، فأعرف