المولى، وهذا أدل دليل وأصدق قيل على أن هذا العقد والفعال من المولى إباحة للعبد وطء جاريته، لأنه لو كان عقد نكاح لروعي فيه الإيجاب والقبول من موجب وقابل، ولا يصح ذلك بين الإنسان وبين نفسه، وكان يراعي فيه ألفاظ ما ينعقد به النكاح، وأيضا العقد حكم شرعي، يحتاج إلى دليل شرعي، ولا يرجع في مثل ذلك إلى أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، وإن كان شيخنا أبو جعفر رحمه الله أورد ذلك في نهايته، فعلى طريق الإيراد لأجل الرواية، لئلا يشذ شئ من الروايات على ما اعتذر لنفسه في عدته (1) دون الاعتقاد والعمل بصحته، وكتاب الله تعالى خال من ذلك، والسنة المقطوع بها كذلك، والإجماع فغير منعقد بذلك، والأصل براءة الذمة، ونفي الحكم المدعى إلى أن يقوم بصحته دليل قاطع للأعذار، فحينئذ يجب المصير إليه والمعول عليه.
ومتى عقد الرجل لعبده على أمة غيره بإذنه، جاز العقد، وكان الطلاق بيد العبد، فمتى طلق جاز طلاقه، وليس لمولاه أن يطلق عليه لما بيناه، فإن باعه كان ذلك فراقا بينه وبينها، إلا أن يشاء المشتري إقراره على العقد، ويرضى بذلك مولى الجارية، فإن أبى واحد منهما ذلك لم يثبت العقد على حال، وكذلك إن باع مولى الجارية جاريته كان ذلك فراقا بينهما، إلا أن يشاء الذي اشتراها إقرارها على العقد، ويرضى بذلك مولى العبد، فإن أبى واحد منهما كان العقد مفسوخا (2).
قال محمد بن إدريس: لا أرى لرضى الذي لم يبع وجها، لأن الخيار في إقرار العبد، وفسخه للمشتري في جميع أصول هذا الباب، وإنما الشارع جعل لمن لم يحضر العقد، ولا كان مالكا لأحدهما، وإنما انتقل إليه الملك الخيار، لأنه لم يرض بشئ من ذلك الفعال، لا الإيجاب ولا القبول، ولا كان له حكم فيهما،