إذا قال: علي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين، كان ذلك استثناء الخمسة من العشرة، وأما إذا لم يعطف الثاني على الأول، مثل أن يقول: له علي عشرة إلا خمسة إلا اثنين، فيكون قد استثنى الاثنين من الخمسة، فيبقى ثلاثة، فيكون قد استثنى من العشرة ثلاثة فيلزمه سبعة، ولا يجوز أن يعود هاهنا إلى الجملتين معا، بل إلى الجملة التي تليه، لأنه كان يكون لا فائدة فيه، لأن الكلام موضوع للإفادة، كما إذا قال له علي درهم ودرهم إلا درهما، فقد أسقط الاستثناء من الدرهمين درهما، فلو رجع إلى الجملتين معا من الكلام صار عبثا ولغوا، كما لو قال: له علي درهم إلا درهما، فلا يقبل استثناؤه ذلك، لأن الاستثناء يخرج من الجمل، ما لولاه لصح دخوله تحته، أو لوجب دخوله تحته على العبارتين واختلاف المقالتين بين من تكلم في أصول الفقه، وإذا كان الاستثناء الثاني معطوفا على الأول، كانا جميعا راجعين إلى الجملة الأولى، فلو قال: علي عشرة إلا ثلاثة وإلا درهما، كان إقرارا بستة، وإذا استثنى بما لا يبقى معه من المستثنى منه شئ، كان باطلا على ما قدمناه، لأنه يكون بمنزلة الرجوع عن الإقرار، فلا يقبل.
وإن استثنى بمجهول القيمة، كقوله: علي عشرة إلا ثوبا، فإن فسر قيمته بما يبقى معه من العشرة شئ، وإلا كان باطلا.
ويجوز استثناء الأكثر من الأقل بلا خلاف، إلا من ابن درستويه النحوي، وابن حنبل، ويدل على صحته قول تعالى: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين " (1) وقال حكاية عن إبليس: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " (2) فاستثنى من عباده، الغاوين مرة، والمخلصين أخرى، فلا بد أن يكون أحد الفريقين أكثر من الآخر.
وإذا قال: علي كذا درهم، بالرفع، لزمه درهم واحد، لأن التقدير هو درهم،