وإذا قال له علي مال عظيم أو جليل، أو نفيس، أو خطير، لم يقدر ذلك بشئ، ويرجع في تفسيره إلى المقر، ويقبل تفسيره بالقليل والكثير، لأنه لا دليل على مقدر معين، والأصل براءة الذمة، وما يقر به مقطوع عليه، فوجب الرجوع إليه، ويحتمل أن يكون أراد، عظيم عند الله تعالى من جهة المظلمة، وأنه جليل نفيس عند الضرورة إليه، وإن كان قليل المقدار، وإذا احتمل ذلك وجب أن يرجع إلى تفسيره، لأن الأصل براءة الذمة، ولا نعلق عليها شيئا محتملا. ويحتج على المخالف بما روي من قوله عليه السلام: " لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفس منه " (1) لأنه يقتضي أن لا يؤخذ منه أكثر مما أقر به.
وإذا قال له علي مال كثير، كان إقرارا بثمانين، لما رواه أصحابنا (2) وأجمعوا عليه. وروي في تفسير قوله تعالى: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " (3) أنها كانت ثمانين موطنا (4).
والأولى عندي أنه يرجع في التفسير إليه، لأن هذا قول مبهم محتمل، ولا نعلق على الذمم شيئا بأمر محتمل، وأنما ورد في أخبار أصحابنا، وأجمعوا عليه في النذر فحسب، ولم يذهب أحد منهم إلى تعديته إلى الإقرار والوصية، سوى شيخنا أبي جعفر رحمه الله في فروع المخالفين في المبسوط (5)، ومسائل خلافه (6)، والقياس عندنا باطل، فمن عداه إلى غير النذر الذي ورد فيه، يحتاج إلى دليل.
ثم لا خلاف بين أصحابنا بل بين المسلمين، أنه إذا باع دارا بمال كثير، يكون البيع باطلا، لأن الثمن مجهول المقدار، فلو كان الشارع قد جعل حد الكثير ثمانين في كل شئ، لما كان البيع باطلا، وكذلك إذا باع الدار بجزء من ما له،