قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: إن كان النذر غير صحيح، فما يجب عليه صرفه في وجوه البر، وإن كان النذر صحيحا فيوجهه إلى الجهة (1) المنذور فيها، لا يجزيه غيره.
ثم قال الذاهب الأول الذي حكينا كلامه: إلا أن يخاف من الشناعة لتركه الوفاء بالنذر، فيصرفه إليهم تقية.
والذي أعتمده وأعمل عليه، صحة هذا النذر، ووجوب الإتيان به، لأنه إما مندوب إليه، أو مباح، والنذر في المباح يجب الوفاء به، وكذلك المندوب إليه ولا مانع يمنع منه.
ومن آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة، فإن كان في حال انقباض يد الإمام العادل، قال بعض أصحابنا: لا يلزمه الوفاء به، ويرد عليه ما أخذه منه، فإن لم يجده فعلى ورثته، وإن لم يكن له ورثة، لزمه الوفاء به، ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (2).
والذي يقوى عندي، وتقتضيه الأدلة، لزوم الإجارة في الحالين معا، غير أنه لا يجاهد العدو إلا على ما قلناه من الدفاع عن النفس والإسلام، لأن عندنا بغير خلاف أنه إذا نذر المرابطة في حال استتار الإمام، وجب عليه الوفاء به، غير أنه لا يجاهد العدو إلا على ما قلناه، وقد قدمنا (3) ذلك. فإن كان في حال ظهور الإمام، لزمه الوفاء به، على كل حال.
ومن لا يمكنه المرابطة بنفسه، فرابط دابة، أو أعان المرابطين بشئ من ماله، كان فيه الثواب.