عنهم إلا بعد الظفر بهم، أو يفيئوا إلى الحق، ومن رجع عنهم من دون ذلك، فقد باء بغضب من الله تعالى، وعقابه، عقاب من فر من الزحف.
وأهل البغي عند أصحابنا على ضربين، ضرب منهم يقاتلون، ولا يكون لهم رئيس يرجعون إليه، والضرب الآخر، يكون لهم أمير ورئيس يرجعون في أمورهم إليه، فالضرب الأول، كأهل البصرة وأصحاب الجمل. والضرب الثاني كأهل الشام وأصحاب معاوية بصفين، فإذا لم يكن لهم رئيس يرجعون إليه، فإنه لا يجاز على جريحهم، ولا يتبع هاربهم (1)، ولا تسبى ذراريهم، ولا يقتل أسيرهم، ومتى كان لهم رئيس يرجعون إليه في أمورهم، كان للإمام أن يجيز على جريحهم، وأن يتبع هاربهم، وأن يقتل أسيرهم.
ولا يجوز سبي الذراري على حال.
ويجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حوى العسكر، ويقسم على المقاتلة حسب ما قدمناه، وليس له ما لم يحوه العسكر، ولا له إليه سبيل على حال، هذا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته (2) والجمل والعقود (3).
ثم قال في مبسوطه: إذا انقضت الحرب بين أهل العدل والبغي، إما بالهزيمة، أو بأن عادوا إلى الحق، وطاعة الإمام، وقد كانوا أخذوا الأموال، وأتلفوا، وقتلوا، نظرت، فكل من وجد عين ماله عند غيره، كان أحق به، سواء كان من أهل العدل، أو أهل البغي، لما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: المسلم أخ المسلم، لا يحل له دمه، وماله إلا بطيبة من نفسه، وروي أن عليا عليه السلام لما هزم الناس يوم الجمل، قالوا له: يا أمير المؤمنين، ألا تأخذ أموالهم، قال: لا، لأنهم تحرموا بحرمة الإسلام، فلا تحل أموالهم في دار الهجرة،