بديانته من العدلين، جاز له الشهادة عليها، وإن لم تسفر عن وجهها.
ويجوز أن يشهد الإنسان على الأخرس، إذا كانت له كناية معقولة، وإشارة مفهومة، فعرف من إشارته الإقرار، ويقيم شهادته كذلك، ولا يقيمها بمجرد الإقرار بالكلام، لأن ذلك كذب.
ويجوز أن يشهد على شهادة رجل آخر، غير أنه ينبغي أن يشهد رجلان عدلان، على شهادة رجل واحد، ليقوما مقامه، فأما واحد، فلا يقوم مقام واحد، وذلك لا يكون أيضا إلا في حقوق الآدميين، من الديون، والأملاك، والعقود، فأما الحدود، فلا يجوز أن تقبل فيها شهادة على شهادة.
ولا يجوز شهادة على شهادة على شهادة، في شئ من الأشياء.
ومن شهد على شهادة آخر، وأنكر الشهادة الشاهد الأول الأصلي، روي أنه تقبل شهادة أعدلهما (1)، أورد ذلك شيخنا في نهايته (2) فإن كانت عدالتهما سواء، طرحت شهادة الشاهد الثاني.
وقال ابن بابويه من أصحابنا، في رسالته: تقبل في هذه الحال شهادة الثاني، وتطرح شهادة الأول.
وهذا غير مستقيم ولا واضح، بل الخلاف والنظر في أنه تقبل شهادة أعدلهما، فكيف تقبل في الثاني، وهو فرع الأول الأصلي، فإذا رجع عن شهادته، فالأولى أن تبطل شهادة الفرع، ولأن الفرع يشهد على شئ لا يحققه، أعني نفس الحق المشهود به، فكيف ينتزع الحاكم المال بهذه الشهادة، وهو ما شهد عنده على نفس الحق من علمه، ولا قطع عليه يقينا، أعني الشاهد الذي هو الفرع، ولا خلاف أن الفرع يثبت بشهادة الأصل بلا شبهة، وهكذا إذا فسق الأصل، بطلت شهادة الفرع.