الرواية على مذهب من قال من أصحابنا أن العطاء في المرض وإن كان منجزا يخرج من الثلث، مثل العطايا بعد الموت، والصحيح من المذهب أن العطاء المنجز في حال مرض الموت يخرج من أصل المال، لا أنه من الثلث، لأنه قد أبانها من ماله، وتسلمها المعطى له، وخرجت من ملك المعطي، لأنه لا خلاف أن له أن ينفق جميع ماله في حال مرضه، فلو كان ما قاله بعض أصحابنا صحيحا، لما جاز ذلك، ولما كان يصح منه النفقة بحال.
ومتى تزوج الرجل بامرأة على أنها بكر، فوجدها ثيبا، فقد روي أنه يجوز له أن ينقص من مهرها شيئا، والصحيح أنه ينقص من المسمى مقدار مثل ما بين مهر البكر إلى مهر الثيب، وذلك يختلف باختلاف الجمال والسن والشرف وغير ذلك، فلأجل هذا قيل ينقص من مهرها شئ منكر غير معرف.
والذمي متى عقد على امرأة بما لا يحل للمسلمين تملكه، من خمر أو خنزير أو غير ذلك من المحظورات، ثم أسلما قبل تسليمه إليها، لم يجز له أن يسلم إليها ما فرضه لها، ومهرها إياه من المحظورات، وكان عليه قيمته عند مستحليه.
وللمرأة أن تمتنع من زوجها حتى تقبض منه المهر إذا كان غير مؤجل، والزوج موسرا به، قادرا على أدائه، وطالبته به قبل الدخول بها، فإذا قبضته لم يكن لها الامتناع بعد ذلك، فإن امتنعت بعد استيفاء مهرها كانت ناشزا، ولم يكن لها عليه نفقة، ولا سكنى، ولا كسوة، فأما إذا دخل بها فلها المطالبة بالمهر، وليس لها الامتناع حتى تقبضه.
وشيخنا أبو جعفر في نهايته (1) أطلق ذلك إطلاقا، ولم يفرق بين قبل الدخول أو بعده.
والصحيح ما ذكرناه، لأن الإجماع منعقد على ذلك، وهو مذهب السيد