وأد من القرع إن الباب أغلقه * دعوى الكيان وجود الله يفتحه فكل علم لا يكون حصوله عن كشف بعد فتح الباب يعطيه الجود الإلهي ويبديه ويوضحه فهو شعور لا علم لأنه حصل من خلف الباب والباب مغلق وليس الباب سواك فأنت بحكم معناك ومغناك وذلك هو غلق الباب فإنك تشعر أن خلف هذا الجسم والصورة الظاهرة معنى آخر لا تعلمه وإن شعرت به فالصورة الظاهرة المصراع الواحد والنفس المصراع الآخر فإذا فتحت الباب تميز المصراع من المصراع وبدا لك ما وراء الباب فذلك هو العلم فما رأيته إلا بالتفصيل لأنك فصلت ما بين المصراعين حتى تميز هذا فيك فإن كان الباب عبارة عن حق وخلق وهو أنت وربك فالتبس عليك الأمر فلم يتميز عينك من ربك فلا تميزه ما لم يفتح الباب فعين الفتح يعطيك المعرفة بالباب والفرق بين المصراعين فتعلم ذاتك وتعلم ربك وهو قوله ص من عرف نفسه عرف ربه فالشعور مع غلق الباب والعلم مع فتح الباب فإذا رأيت العالم متهما لما يزعم أنه به عالم فليس بعالم وذلك هو الشهور وإن ارتفعت التهمة فيما علم فذلك هو العلم ويعلم أنه قد فتح الباب له وأن الجود قد أبرز له ما وراء الباب وكثير من الناس من يتخيل أن الشعور علم وليس كذلك وإنما حظ الشعور من العلم إن تعلم أن خلف الباب أمرا ما على الجملة لا يعلم ما هو ولذلك قال تعالى وما علمناه الشعر لقولهم هو شاعر ثم قال وما ينبغي له إن هو يعني هذا الذي بعثناه به إلا ذكر أي أخذه عن مجالسة من الحق وقرآن مبين أي ظاهر مفصل في عين الجمع ما أخذه عن شعور فإنه كل ما عينه صاحب الشعور في المشعور به فإنه حدس ولو وافق الأمر ويكون علما فما هو فيه على بصيرة في ذلك وليس ينبغي لعاقل أن يدعو إلى أمر حتى يكون من ذلك الأمر على بصيرة وهو أن يعلمه رؤية وكشفا بحيث لا يشك فيه وما اختصت بهذا المقام رسل الله بل هو لهم ولأتباعهم الورثة ولا وارث إلا من كمل له الاتباع في القول والعمل والحال الباطن خاصة فإن الوارث يجب عليه ستر الحال الظاهر فإن إظهاره موقوف على الأمر الإلهي الواجب فإنه في الدنيا فرع والأصل البطون ولهذا احتجب الله في العموم في الدنيا عن عباده وفي الآخرة يتجلى عامة لعباده فإذا تجلى لمن تجلى له على خصوصه كتجليه للجبل كذلك ما ظهر من الحال على الرسل من جهة الدلالة على صدقه ليشرع لهم والوارث داع لما قرره هذا الرسول وليس بمشرع فلا يحتاج إلى ظهور الحال كما احتاج إليه المشرع فالوارث يحفظ بقاء الدعوة في الأمة عليها وما حظه إلا ذلك حتى إن الوارث لو أتى بشرع ولا يأتي به ولكن لو فرضناه ما قبلته منه الأمة فلا فائدة لظهور الحال إذا لم يكن القبول كما كان للرسول فاعلم ذلك فما أظهر الله عليهم من الأحوال فذلك إلى الله لا عن تعمل ولا قصد من العبد وهو المسمى كرامة في الأمة فالذي يجهد فيه ولي الله وطالبه إنما هو فتح ذلك الباب ليكون من الله في أحواله عند نفسه على بصيرة لا أنه يظهر بذلك عند خلقه فهو على نور من ربه وثابت في مقامه لا يزلزله إلا هو فكرامة مثل هذا النوع علمه بالله وما يتعلق به من التفصيل في أسمائه الحسنى وكلماته العلياء فيعلم ما يلج في أرض طبيعته من بذر ما بذر الله فيها حين سواها وعدلها وما يخرج منها من العبارات عما فيها والأفعال العملية الصناعية على مراتبها لأن الذي يخرج عن الأرض مختلف الأنواع وذلك زينة الأرض فما يخرج عن أرض طبيعة الإنسان وجسده فهو زينة له من فصاحة في عبارة وأفعال صناعية محكمة كما يعلم ما ينزل من سماء عقله بما ينظر فيه من شرعه في معرفة ربه وذلك هو التنزيل الإلهي على قلبه وما يعرج فيها من كلمه الطيب على براق العمل الصالح الذي يرفعه إلى الله كما قال تعالى إليه يصعد الكلم الطيب وهو ما خرج من الأرض والعمل الصالح يرفعه وهو ما أخرجته الأرض أيضا فالذي ينزل من السماء هو الذي يلج في الأرض والذي يخرج من الأرض وهو ما ظهر عن الذي ولج فيها هو الذي يعرج في السماء فعين النازل هو عين الوالج وعين الخارج هو عين العارج فالأمر ذكر وأنثى ونكاح وولادة فأعيان موجودة وأحكام مشهودة وآجال محدودة وأفعال مقصودة منها ما هي مذمومة بالعرض وهي بالذات محمودة ثم اعلم أن التفصيل لا يظهر في الوجود إلا بالعمل فإن فصله العامل على تفصيله في الإجمال الحكمة فهو العمل الصالح وإن فصله على غير ذلك بالنظر إلى تفصيل الإنسان فيه فذلك العمل غير الصالح وأكثر ما يكون العمل غير الصالح في
(٤٥٨)