عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت ولنا بحمد الله في هذا المقام ذوق شريف فيما تعبدنا به الشرع من الأحكام وهذا مما بقي لهذه الأمة من الوحي وهو التعريف لا التشريع وأما أهل الاجتهاد فأحكامهم تشريع الشرع إذا أخطئوا فإن رسول الله ص هو المقرر لذلك الحكم فما هو تشريع لهم وإنما هو تشريع رسول الله ص وإذا أصاب المجتهد فهو صاحب نقل شرع كل ذلك في نفس الأمر فإن المخطئ من المجتهدين والمصيب واحد لا بعينه لكن المصيب في نفس الأمر ناقل والمخطئ في نفس الأمر مقرر حكم مجهول لم يعلم إلا عند نظر هذا المجتهد فهو معلوم عند الله قبل كونه فما قرر الشارع وهو الرسول إلا الحكم المعين المعلوم عند الله وما هو عنده بمعلوم على التفصيل والتعيين فكان حكم المجتهد المخطئ تشريعا للتشريع وأهل الله ما لهم حكم في الشرع إلا ما هو المحكوم به على التعيين عند رسول الله ص وهم الورثة على الحقيقة فإن الوارث لا يرث إلا ما كان ملكا للموروث عنه إذا مات عنه وحكم المجتهد المخطئ ما هو ملك له عينه حتى يورث عنه فليس بوارث لأن ما عنده سوى تقرير ما أداه إليه نظره ذلك أباحه له رسول الله ص فهو كالعصبة لا نصيب لهم في الميراث على التعيين إنما لهم ما بقي بعد إلحاق الفرائض بأهلها وكتوريث أولي الأرحام والمسلمين بعد أخذ الفرائض فإن مات عن غير صاحب فريضة كرسول ونبي مات وما اتبعه واحد فيحشر مفردا فقد يرثه في خلقه أو في حاله لا في حكمه من هذه الأمة من صادف ذلك الحال أو الحكم وأما الايمان به وقد آمن به كل من آمن بمحمد ص فأمة محمد ص المؤمنون به أتباع كل نبي وكل كتاب وكل صحيفة جاء أو نزل من عند الله في الايمان به لا بالعمل بالحكم فما بقي نبي إلا وقد أو من به فالنبي محمد ص له الإمامة والتقدم وجميع الرسل والأنبياء خلفه في صف ونحن خلف الرسل وخلف محمد ومن الرسل من يكون له صورتان في الحشر صورة معنا وصورة مع الرسل كعيسى وجميع الأمم خلفنا غير إن لنا صورتين صورة في صف الرسل ع وليست إلا لعلماء هذه الأمة وصورة خلف الرسل من حيث الايمان بهم وكذلك سائر الأمم لهم صورتان صورة يكونون بها خلفنا وصورة يكونون بها خلف رسلهم فوقتا يقع نظر الناظر على صورهم خلفنا ووقتا خلف رسلهم ووقتا على المجموع فهذه أحوال العلماء في الآخرة في حشرهم وأما ورثة الأفعال فهم الذين اتبعوا رسول الله ص في كل فعل كان عليه وهيأة مما أبيح لنا اتباعه حتى في عدد نكاحه وفي أكله وشربه وجميع ما ينسب إليه من الأفعال التي أقامه الله فيها من أوراد وتسبيح وصلاة لا ينقص من ذلك فإن زاد عليها بعد تحصيلها فما زاد عليها إلا من حكم قوله ص فهذه وراثة أفعاله وأما وراثة أحواله فهو ذوق ما كان يجده في نفسه في مثل الوحي بالملك فيجد الوارث ذلك في اللمة الملكية ومن الملك الذي يسدده ومن الوجه الخاص الإلهي بارتفاع الوسائط وأن يكون الحق عين قوله وأن يقرأ القرآن منزلا عليه يجد لذة الإنزال ذوقا على قلبه عند قراءته فإن للقرآن عند قراءة كل قارئ في نفسه أو بلسانه تنزلا إلهيا لا بد منه فهو محدث التنزل والإتيان عند قراءة كل قارئ أي قارئ كان غير إن الوارث بالحال يحس بالإنزال ويلتذ به التذاذا خاصا لا يجده إلا أمثاله فذلك صاحب ميراث الحال وقد ذقناه حالا بحمد الله وهو الذي قال فيه أبو يزيد لم أمت حتى استظهرت القرآن وهو وجود لذة الإنزال من الغيب على القلوب وما عدا هؤلاء فإنما يقرءون القرآن من خيالهم فهم يتخيلون صور حروفه المرقومة إن كان حفظ القرآن من المصاحف والألواح أو يتخيلون صور حروف ما تلقونه من معلمهم هذا إذا كانوا عاملين به وأما إذا قرأوه من غير إخلاص فيه فلا يتجاوز حناجرهم أي لا يقبل الله منه شيئا فيبقى في محل تلاوته وهو مخرج الصوت فلا يقرأ القرآن من قلبه إلا صاحب التنزل وهو الذوق الميراثي فمن وجد ذلك فهو صاحبه يعرف ذلك عند وجوده إياه فلا يحتاج فيه إلى معرف فإنه يفرق عند ذلك بين قراءته من خياله وبين قراءته عن تنزيل ربه مشاهدة وما ثم أمر آخر لنبي أو رسول يقع فيه ميراث إنما هو قول أو فعل أو حال فالوارث الكامل من جمع والوارث الناقص من اقتصر على بعض هذه المراتب واعلم أن هذا المنزل هو منزل من اتصف بالخلة من الأنبياء ع فمن حصل له حصر له نصيب من الخلة الإلهية وضرب له فيها بسهم والكلام فيها طويل لا يفي الوقت بتفصيله
(٤١٤)