تقول أنا هو فمدلول هو ما هو مدلول أنا فما يتخلص لك ما ترومه أبدا وإذا عز عن التخلص فقل به وقل بك وتميز عنه وميزه عنك تميز الأول عن الآخر والآخر عن الأول وتميز عن العالم وميزه عنك تميز الظاهر من الباطن والباطن من الظاهر فإنك من العالم روح العالم والعالم صورتك الظاهرة ولا معنى للصورة بلا روح فلا معنى للعالم دونك فإذا ميزت عينك من الحق ومن العالم عرفت قدرك بمعرفة الحق وعرفت منزلتك بمعرفة العالم فكنت لذا ربا وكنت لذا عبدا * وأنزلت عهدا مثل ما أنزل العهدا فإن كنت ذا لب وغوص وفطنة * فلا تلتزم ذما ولا تلتزم حمدا ولا تفعلن شيئا إذا ما فعلته * بسهو وحرر عند فعلتك القصدا فما أنت ذاك الشخص إن كان سهوكم * يغالبكم فاعمد إلى تركه عمدا فهذا الذي أنبأتك به مفتاح من مفاتح خزائن الجود فلا تضيعه فإنه يعمل عمل كل مفتاح ولا يعمل مفتاح عمله فبه يفتح كل مغلق ولا يفتح بغيره ما أغلقه هذا المفتاح ومفتاح الغيب لا يعلمها إلا هو فلا تعلم إلا منه فلا تطمع أن تصل إلى علمها بك ومن طمع في غير مطمع فقد شهد على نفسه بالجهل ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض وما ثم الا سماء وأرض وله المثل الأعلى فله صورة في كل سماء وأرض وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم من كونه في الأرض وجهركم من كونه في السماء ومن حيث النشأة يعلم سركم من كونه في السماء وهو معناكم الذي خفي عن الأبصار عينه وظهر حكمه وله العلو فهو في السماء وهو الباطن ويعلم أيضا جهركم من كونه في الأرض وهو ظاهركم الذي ظهر للأبصار عينه وخفي حكمه لأن حكمه في روحه فإنه الذي تفيده العلوم بحواسه فله النزول فهو الأرض فهو الظاهر فقد بان أن الحق بالحق ينطق * وأن الذي قلناه أمر محقق فلا تعدلن إن كنت للحق طالبا * فعكس الذي قلناه لفظ ملفق فيقول العبد الكامل الذي لا أكمل منه لي وقت لا يسعني فيه غير ربي ويقول الأصل لي وقت لا يسعني فيه غير نفسي فإن الأوقات كلها استغرقها العالم في الجانبين ولهذا كان الإنسان الكامل خليفة له تعالى فلهذا سبق علمه بنفسه على علمه بربه وبهذا جاء الخبر من عرف نفسه عرف ربه فإن من استخلفه علم العالم من علمه بنفسه والخليفة على صورة من استخلفه فعلم ربه من علمه بنفسه وعلم إن كل من اتصف بالوجود فهو متناه أي كل ما دخل في الوجود وبقيت الحيرة في العلم بالله من كونه موجودا هل يتصف بالتناهي لكونه موجودا أو لا يتصف بالتناهي فإن أرادوا بالتناهي كون عين الموجود موصوفا بالوجود فهو متناهي كما هو كل موجود وإن عينه موجودة وإن أرادوا بالتناهي انتهاء مدة وجوده ثم ينقطع فهذا لا يصح عقلا في الحق لأنه واجب الوجود لذاته فلا يقبل التناهي وجوده ولأن بقاءه ليس بمرور المدد عليه المتوهمة فهو محال من وجهين تناهيه وكذلك في أهل الآخرة أعني في أعيانهم وفي الدار الآخرة سمعا ولا يتناهى بقاؤهم في الآخرة ولا استمرار المدد عليهم فنسبة البقاء إلى الله تخالف نسبة البقاء للعالم فالإطلاق في العلم والحصر في الوجود كل ما في الكون محصور * والذي في العلم مطلق فتدبر قول حبر * بوجوده تحقق إن علمي بوجودي * من وجود الحق أسبق فإذا علمت كوني * جاء علم الله يلحق ولما كان العالم لا بقاء له إلا بالله وكان النعت الإلهي لا بقاء له إلا بالعالم كان كل واحد رزقا للآخر به يتغذى لبقاء وجوده محكوما عليه بأنه كذا فنحن له رزق تغذى بكوننا * كما أنه رزق الكيان بلا شك فيحفظنا كونا ونحفظ كونه * إلها وهذا القول ما فيه من إفك
(٣٦٣)