فلا تشركوا فالشرك ظلم مبرهن * عليه وهذا الظلم قد عمه الحجر ولما كان العلم تحيا به القلوب كما تحيا بالأرواح أعيان الأجسام كلها سمي العلم روحا تنزل به الملائكة على قلوب عباد الله وتلقيه وتوحى به من غير واسطة في حق عباده أيضا فأما القاؤه ووحيه به فهو قوله يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده وقوله وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا وأما تنزيل الملائكة به على قلوب عباده فهو قوله تعالى ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده فهم المعلمون والأستاذون في الغيب يشهدهم من نزلوا عليه فإذا نزل هذا الروح في قلب العبد بتنزيل الملك أو بإلقاء الله ووحيه حيي به قلب المنزل عليه فكان صاحب شهود ووجود لا صاحب فكر وتردد ولا علم يقبل عليه دخلا فينتقل صاحبه من درجة القطع إلى حال النظر فالعبد العالم المجتبى إما يعرج فيرى وإما ينزل عليه في موضعه إن العروج لرؤية الآيات * نعت المحقق في شهود الذات فانظر بفعل الحال تشهد كونه * وانظر إلى الماضي يريك الآتي إن الوجود مبرهن عن نفسه * بوجوده في أكثر الحالات فالحال في الأحياء يشهد دائما * والماضي والآتي مع الأموات فإن قال المعتذر عن هؤلاء فما فائدة خلق الإنسان الكامل على الصورة قلنا ليظهر عنه صدور الأفعال والمخلوقات كلها مع وجود عينه عنده أنه عبد فإن غاية الأمر الإلهي أن يكون الحق مع العبد وبصره بل جميع قواه فقال تعالى فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ويده الحديث فأثبت بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا للعبد فهذا الخبر يؤيد ما ذهبنا إليه وهو عليهم لو اعتذروا به محتجين علينا كما فعلت أنت ولم يكن لهم هذا الخبر فلا شئ أعلى من كلام النبوة ولا سيما فيما أخبرت به عن الله عز وجل فإن قالوا إن الإمكان جعلنا أن نقول ما نقول قلنا الإمكان حكم وهمي لا معقول لا في الله ولا في المسمى ممكنا فإنه لا يعقل أبدا هذا المسمى ممكنا إلا مرجحا وحالة الاختيار لا تعقل إلا ولا ترجيح وهذا غير واقع فهو غير واقع عقلا لكن تقع وهما والوهم حكم عدمي فما ثم إلا واجب بذاته أو واجب به فمشيئة الحق في الأشياء واحدة والحق ليس له إلا مشيئته * وحيدة العين لا شرك يثنيها والاختيار محال فرضه فإذا * أتى فحكمته الإمكان تدريها فلا تزال على الترجيح نشأته * والله بالحال أخفى نفسه فيها فزال من علمنا الإمكان عن نظر * في الممكنات فيبديها ويخفيها وإذا زال الإمكان زال الاختيار وما بقي سوى عين واحدة لأن المشيئة الإلهية ما عندها إلا أمر واحد في الأشياء ولا تزال الأشياء على حكم واحد معين من الحكمين فما الأمر كما توهمه القائل بالإمكان فثبت أنه ما ثم إلا حق لحق وحق لخلق فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا فإن النعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا بل لا يزال كونها في الحالين فالقائم عين القاعد من حيث عينه والقائم ليس القاعد من حيث حكمه فالقائم لا يمكن أن يقعد في حال قيامه والقاعد لا يمكن أن يقوم في حال قعوده وما شاء الحق إلا ما هو الأمر عليه في نفسه فمشيئة الحق في الأمور عين ما هي الأمور عليه فزال الحكم فإن المشيئة إن جعلتها خلاف عين الأمر فأما إن تتبع الأمر وهو محال وإما أن يتبعها الأمر وهو محال وبيان ذلك أن الأمر هو أمر لنفسه كان ما كان فهو لا يقبل التبديل فهو غير مشاء بمشيئة ليست عينه فالمشيئة عينه فلا تابع ولا متبوع فتحفظ من الوهم فإن له سلطانا قويا في النفس يحول بينها وبين العلم الصحيح الذي يعطيه العقل السليم ولما دخلت هذا المنزل عند ما رفعت إلى أعلامه فاستدللت عليه بأعلامه حتى وصلت إليه بعد ما قاسيت مشقة وطالت على الشقة فلما دخلته صعب على التصرف فيه لما فيه من المهالك وهو منزل مظلم لا سراج فيه فكنت أمشي فيه بحس
(٣٥٦)