في العالم سكون ألبتة وإنما هو متقلب أبدا دائما من حال إلى حال دنيا وآخرة ظاهرا وباطنا إلا إن ثم حركة خفية وحركة مشهودة فالأحوال تتردد وتذهب على الأعيان القابلة لها والحركات تعطي في العالم آثارا مختلفة ولولاها لما تناهت المدد ولا وجد حكم للعدد ولا جرت الأشياء إلى أجل مسمى ولا كان انتقال من دار إلى دار وأصل وجود هذه الأحوال النعوت الإلهية من نزول الحق إلى السماء الدنيا كل ليلة واستواءه على عرش محدث وكونه ولا عرش في عماء وهذا الذي أوجب أن يكون الحق سمع العبد وبصره وعين مشيئته فبه يسمع ويبصر ويتحرك ويشاء فسبحان من خفي في ظهوره وظهر في خفائه ووصف نفسه بما يقال فيه إنه صمد لا إله إلا هو يصورنا في الأرحام كيف يشاء ويقلب الليل والنهار وهو معنا أينما كنا وهو أقرب إلينا منا فكثرناه بنا ووحدناه به ثم طلب منا أن نوحده بلا إله إلا الله فوحدناه بأمره وكثرناه بنا ما كل وقت يريك الحق حكمته * في كل وقت ولا يخليه عن حكم فانظر إلى فرح في القلب من ترح * من الطباق عن الألواح عن قلم جاءت بها رسل الأرواح نازلة * على سرائرنا من حضرة الكلم فكل علم خفي عز مطلبه * على العقول التي لم تحظ بالقدم فقمت حبا وإجلالا لمنزلها * أمشي على الرأس سعيا لا على القدم ولما لم تكن الأكوان سوى هذه الأربعة الأحوال فبقي الكلام في الساكن إذا سكن فبمن وإذا تحرك فإلى من وإذا اجتمع فبمن وإذا افترق فعمن فما ثم إلا الله ما ثم غيره * وما ثم إلا عينه وإرادته فسكن في الله فهو حيزه إذ كان في علمه ولا عين له فهو هيولاه فتصور بصورة العبد فكان له حكم ما خلق وله ما سكن في الليل والنهار ومن المحال أن يكون الأمر خلاف هذا فبه تلبس وعليه أسس بنيانه وثبت فإن شهدت سواه فهو صورته * وإن تكثرت الآيات والصور ليست بغير سوى من كان منزلها * لكنها سور تعنو لها سور فما في الكون حركة معقولة كما أنه ما ثم سكون مشهود فانظر إلى الضد كيف يخفى * وليس شئ سواه يبدو فأعجب لحركة في عين سكون فإن الخلاء قد امتلأ فالعالم ساكن في خلائه والحركة لا تكون إلا في خلاء هذه حركة الأجسام والخلاء ملآن فلا يقبل الزيادة فإنه ما لها أين وكما سكن في الله تحرك إلى الله كما قال وتوبوا إلى الله جميعا أي ارجعوا إلى ما منه خرجتم فإنهم خرجوا مقرين بربوبيته ثم فزعوا فيها فقيل لهم ارجعوا إلى ما منه خرجتم وليس إلا الله ولا رجوع إليه إلا به إذ هو الصاحب في السفر فإن رجع رجعنا فإن الرجوع لا يكون إلا لمن له الحكم ولا حكم إلا لله ثم تاب عليهم ليتوبوا فهذا صدق ما قلنا فلا تعدل عن الرشد فكونوا كيفما شئتم فإن الحق بالرصد وإذا تحركت إليه فهو الهادي أو منه فمن اسمه المضل فحيرك ثم هداك فتاب عليك بالهدى فتحركت إليه بالتوبة فمن مضل إلى هاد وإن إلى ربك الرجعي وأما قولنا إذا اجتمع فبمن فنقول اجتمع بالله في عين كونه تولاه الله وهو قوله لعبده هل واليت في وليا فإنه عند وليه فمن والى وليا في الله فقد والى الله وليس الاجتماع سوى ما ذكرناه ورد في الخبر أن الله يقول يا عبدي مرضت فلم تعدني فيقول يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين فقال يا عبدي أما علمت إن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما أنك لو عدته لوجدتني عنده فإن المريض لا يزال ذاكر الله ذكر اضطرار وافتقار وهو الذكر الأصلي الذي انبنى عليه وجود الممكن والحق تعالى جليس الذاكر له فمن والى في الله وليا فقد اجتمع بالله فإن كنت أنت وليا فاعلم إن الله أيضا معك فإذا واليت وليا والله معه فقد اجتمع الله بالله فجمعت بين الله ونفسه فحصل لك أجر ما يستحقه صاحب هذه الجمعية فرأيت الله برؤية وليه فإن كان في الولاية أكبر منك فالله عنده أعظم وأكبر مما هو عندك فإن الله عند أوليائه
(٣٠٤)