ظهرك وإذا كان التجلي في الصور دخله الحد والمقدار وأقرب القرب في ذلك أن يكون عين الخط الذي به تقسم الدائرة نصفين لظهور القوسين اللذين قرب بعضهما من بعض هو القرب الأول والقرب الثاني القرب الخطي الذي هو أقرب من حبل الوريد ولا تكون رؤية الحق أبدا حيث كانت إلا في منازلة بين عروج ونزول فالعروج منا والنزول منه فلنا التداني وله التدلي إذ لا يكون التدلي إلا من أعلى ولنا الترقي وله تلقي الوافدين عليه وذلك كله إعلام بالصورة التي يتجلى فيها لعباده وإنها ذات حد ومقدار ليدخل مع عباده تحت قوله في حكمه وما ننزله إلا بقدر معلوم وكل شئ خلقناه أي جعلناه بقدر والرؤية مخلوقة فهي بقدر والتنوع في التجلي ظهور محدث عند المتجلي له فهو بقدر ألا ترى تجليه بالحكم في الأعيان المتخذة آلهة للغيرة الإلهية حيث حكم وقضى أنه لا يعبد إلا إياه وكذا أخبر فقال وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه فعلماء الرسوم يحملون لفظ قضى على الأمر ونحن نحملها على الحكم كشفا وهو الصحيح فإنهم اعترفوا أنهم ما يعبدون هذه الأشياء إلا لتقربهم إلى الله زلفى فأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم وما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم ولهذا يقضي الحق حوائجهم إذا توسلوا بها إليه غيرة منه على المقام أن يهتضم وإن أخطئوا في النسبة فما أخطئوا في المقام ولهذا قال إن هي إلا أسماء سميتموها أي أنتم قلتم عنها إنها آلهة وإلا فسموهم فلو سموهم لقالوا هذا حجر أو شجر أو ما كان فتتميز عندهم بالاسمية إذ ما كل حجر عبد ولا اتخذ إلها ولا كل شجر ولا كل جسم منير ولا كل حيوان فلله الحجة البالغة عليهم بقوله قل سموهم واعلم أنه لولا الهوى ما عبد الله في غيره وإن الهوى أعظم إله متخذ عبد فإنه لنفسه حكم وهو الواضع كل ما عبد وفيه قلت وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى * ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى قال تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم فلو لا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله فإذا كان يوم القيامة جسد الله الهوى كما يجسد الموت لقبول الذبح فإذا جسده قرره على ما حكم به فيمن قام به فحار وجاء بإله عليه فعذب في صورته وأفرد المحل عنه فحصل في النعيم وتجسد المعاني لا تنكر عندنا ولا عند علماء الرسوم فحكمه في هذا مثل الحكم الذي في قوله لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر فكان شيخنا أبو مدين رضي الله عنه يقول صدق يزال فيدخل صاحبه الجنة دونه ويبقى هو في النار صورة مجسدة أو يعود الكبر إلى من هو له فيأخذ كل ذي حق حقه واعلم أن الآلهة المتخذة من دون الله آلهة طائفتان منها من ادعت ما ادعى فيها مع علمهم في أنفسهم أنهم ليسوا كما ادعوا وإنما أحبوا الرياسة وقصدوا إضلال العباد كفرعون وأمثاله وهم في الشقاء إلا أن تابوا وهم ممن تشهد عليهم ألسنتهم بما نطقت به من هذه الدعوى فما دونها مما يجب عنه السؤال فتنكر ومنها من ادعت ذلك على بصيرة وصحو وتحقق معرفة في مجلس لقرينة حال اقتضاها المجلس لما رأوا أن الحق عين قواهم وما هم هم إلا بقواهم وبقواهم يقولون ما يقولون فقواهم القائلة لا هم وهي عين الحق كما أخبر الحق وكما أعطاه الشهود بانخراق العادة في قولهم عندهم فقالوا أنا الله وإني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدون كأبي يزيد ممن نقل عنه مثل هذا مع صحوه وثبوته وعلمه بأن الحق هو الظاهر بأفعاله في أعيان الممكنات وإنه في بعض الأعيان قد نص أنه هو وفي بعض الأعيان لم يذكر أنه هو ولذلك قال بعض العارفين في حق التلميذ الذي استغنى بالله على زعمه عن رؤية أبي يزيد لأن يرى أبا يزيد مرة خير له من أن يرى الله ألف مرة فعبر أبو يزيد فقيل له هذا أبو يزيد فعند ما وقع بصره عليه مات التلميذ فقيل لأبي يزيد في موته فقال رأى ما لا يطيق لأنه تجلى له من حيث أنا فلم يطقه كما صعق موسى لأن الله من حيث أنا مجلاه أعظم من حيث المجلى الذي كان يشهده فيه ذلك المريد ومنها من ادعت ذلك في حال سكر كالحلاج فقال قول سكران فحبط وخلط لحكم السكر عليه وما أخلص قد تصبرت وهل * يصبر قلبي عن فؤادي مازجت روحك روحي * في دنوي وبعادي فإنا أنت كما * أنك أني ومرادي
(١١٧)