الخروج عن الضمان بالكلية، مثلا لو نفذ التقبل من السلطان للمؤمن كانت منفعة الأرض مملوكة له، وما يدفعه من الخراج متعينا ملكا للمسلمين، فإذا تسلمه الجائر كان حراما عليه ويده عادية، لكن إذا جاز شرائه للمؤمن كان بيعه من الجائر حراما، لكنه نافذ للمؤمن ويخرج الجائر بتسليمه إياه عن ضمانه، لكن يده على بدله المتعين للمسلمين يد عادية، فإذا صرفه في غير المؤمن لم يخرج عن ضمانه، وهكذا.
فجميع التقليبات والتقلبات عوضا ومعوضا حرام على الجائر، ولا يخرج عن ضمانه إلا إذا إنتهى الأمر إلى المؤمن الذي أجيز له ذلك التصرف، ولو بأن لا يكون له بدل كالهبة والجائزة، فصرفه في مصالح المسلمين إذا لم يوجب تصرفا من المؤمن فيه لا يخرجه عن الضمان.
وتوهم: لزوم جعل الجائر بعد تغلبه على ولاية الأمر وليا على أمر المسلمين، حفظا للحوزة الإسلامية، وصيانة للشريعة المحمدية (صلى الله عليه وآله)، وخوفا من تفرقة كلمة المسلمين وتسلط الكافرين.
مدفوع: بأن التحفظ على كل ذلك تشريعا وتكوينا لازم، إلا أن نصب ولي الأمر تشريعا محقق لأشخاص خاصة، وعدم تمكين المسلمين منهم لا يسقطهم عن درجة الولاية الإلهية، وأما تكوينا فهو قابل، ولو على يد فاجر لم يكن له نصيب من هذا الأمر شرعا، كما ورد (أنه لا يزال يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه) (1).
ثم إنه بعد ما علمت ما ذكرنا من كفاية إذن الجائر وتصرفه من حيث موضوعيته ومورديته لإذن ولي الأمر وإجازته، فعدم الاستيذان بقول مطلق والاستبداد بالتصرف لا دليل على جوازه تكليفا ووضعا، لأنه ملك الغير، وقد مر (2) أن أدلة الاحياء والتحليل غير مجدية في المقام.
إلا أن إذن الجائر وتصرفه ليس مما لا بد منه، إلا إذا كان التصرف غير مقدور عليه خارجا إلا بإذنه، فإذا لم يمكن الاستيلاء على أرض الخراج والانتفاع به إلا بتقبلها من