والجواب: أما على الأول فبأن المبيع شخص الصبرة، إلا أن الاستثناء ظاهر في الاتصال، فلا محالة يكون المستثنى جزئيا أخرج عن الجزئيات، وحيث إن الجزئي المفروز إما مجهول أو مردد، والأول باطل، والثاني محال، فلا بد من حمله على الجزئي بجزئية منشأ انتزاعه، وهو الكسر المشاع، والوجه في تقديم ظهور الاستثناء في الاتصال، وعدم حمله على المنقطع - تقديما لظهور الصاع المستثنى في الكلي - هو أن إرادة الجزئي والخاص لا ينافي ظهور الصاع في الكلي، بل عدم إرادة الخصوصية المنضمة إليه بعدم الدال عليها، ومع الظهور في الاتصال لا مجال للظهور الاطلاقي.
وأما على الثاني: فبأن حفظ ظهور الصاع في الكلي، وحفظ ظهور الاستثناء في الاتصال يقتضي حمل المستثنى منه على الكلي، فما يملكه البائع والمشتري كلاهما كلي، ونسبة التالف والباقي إلى كليهما على حد سواء، وسيأتي (1) إن شاء تعالى أن حكم مثل هذا الكلي حكم المشاع، والوجه الأول أقرب، لأن ظهور الاستثناء في الاتصال يقتضي مساواة المستثنى والمستثنى منه في الكلية والجزئية، فيقع الكلام في أن رفع اليد عن ظهور قوله " بعتك هذه الصبرة " في الشخصية أولى، أو رفع اليد عن ظهور الصاع المستثنى في الكلية.
وحيث عرفت - أن ظهور الصاع وضعا واستعمالا في الكلية لا ينافي الحمل على الجزئية، من باب تعدد الدال والمدلول - تعرف أن رفع اليد عن الظهور الاطلاقي والتحفظ على الظهور الوضعي في المستثنى منه أولى.
وهذا هو الفارق بين مسألة الاستثناء ومسألة بيع الصاع من الصبرة، حيث إنه ليس في الثانية ظهور حاكم على ظهور الصاع، وهذا التقريب أولى مما قيل في بيان الفرق مما سيأتي (2) إن شاء الله تعالى، فإن تلك الوجوه غالبا لا تتكفل إلا لبيان الفارق من حيث نتيجة المسألة، لا من حيث الظهور في الكلية هنا وفي الإشاعة هناك، فتدبر