الصبرة، ليرد عليه المحاذير المتقدمة، ويترتب عليه ثمرات لا يترتب على الكلي الخارجي بالمعنى المتوهم كما سيأتي (1) إن شاء الله تعالى.
والفرق بين التعين المأخوذ على هذا الوجه واشتراط الوفاء من الصبرة أن التعين المزبور مقوم للكلي المملوك على الأول، وشرط في بيع الكلي على الثاني، ولذا يختلف حكمهما، فينحل العقد قهرا على الأول بتلف الصبرة تماما، ويثبت الخيار بتلفها لمكان تعذر الشرط على الثاني.
- قوله (قدس سره): (ويمكن دفع الأول بأن مقتضى الوضع... الخ) (2).
توضيح المقام: أن الكلام في الاستظهار تارة بملاحظة نفس لفظ الصاع، وأخرى بملاحظة تنوينه، وثالثة بملاحظة كونه متعلقا لكلمة من، ورابعة بملاحظة الصبرة التي هي مدخول كلمة الجار، فنقول:
أما بملاحظة نفس لفظ الصاع فقط: فهو كسائر ألفاظ أسماء الأجناس موضوع لطبيعي المعنى وهو المقدار الخاص هنا مع قطع النظر عن جميع الخصوصيات من الوجود والوحدة والتعدد والتعين والتردد.
وأما بملاحظة التنوين: فإن كان التنوين للتمكن ومجرد انحفاظ المادة في ضمن حركة أعرابية فلا يزيد على الطبيعي بشئ، وإن كان للتنكير فالمعروف دلالته على كون المدلول مفاد النكرة الاصطلاحية والواحد الغير المعين، ومراد المصنف (قدس سره) من دعوى ظهوره في الفرد المنتشر إنما هو بالنظر إلى اللفظ بماله من التنوين الظاهر في التنكير، لا بملاحظة نفس لفظ الصاع ليورد عليه بأنه لا فرق بينه وبين سائر أسماء الأجناس.
ويمكن أن يقال: إن تسليم ظهور التنوين في التنكير لا يلازم إرادة النكرة الاصطلاحية المساوقة للفرد المنتشر والواحد المردد المبهم، بل المراد من التنكير مجرد عدم التعين في مقام الاسناد اخبارا أو انشاء، والفرق بينه وبين الطبيعي - الذي