وعليه فلا يبقى مجال إلا للبحث عن شرطية القدرة أو شرطية عدم العجز، وهو ملازم للقدرة لا عينها، بداهة استحالة عينية مفهوم عدمي مع مفهوم ثبوتي.
والتحقيق: عدم شرطية عدم العجز أيضا، فإنا وإن صححنا شرطية العدم وكون تمامية قبول القابل ربما يكون بعدم شئ، إلا أنه في مثل عدم أمر وجودي كعدم الضد، فإن الضد حيث لا يجامع الضد فالمحل غير تام القابلية إلا بعدمه، والعجز عدمي لا ثبوت ولا شيئية له حتى يكون منافيا، ليكون عدم المنافي متمما لقابلية المحل للأثر، فانحصر الأمر بالنظر إلى مقام الثبوت في شرطية القدرة دون مانعية العجز واقعا وجعلا، ودون شرطية عدم العجز، فتدبره فإنه حقيق به.
وأما المقام الثاني فنقول: ظاهر الكلمات شرطية القدرة على التسليم، وقولهم لا يصح مع العجز تارة بعنوان التفريع، فهو من باب انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، وأخرى بعنوان التعليل، فيكون دليلا على أن اعتبار القدرة لمانعية العجز، والغالب في الكلمات هو الأول، نعم ظاهر عبارة الغنية هو الثاني، حيث قال: (وإنما اعتبرنا أن يكون مقدورا [على تسليمه] (1) تحفظا مما لا يمكن فيه ذلك كالسمك في الماء والطير في الهواء، فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف... الخ) (2) فإنه ربما يستظهر منها كون اعتبار القدرة للتحفظ مما ليس بمقدور، فهو المانع في الحقيقة، ويمكن أن يراد منها الاحتراز عما ليس فيه هذا الشرط، وعلى أي حال فليس في تحقيقه كثير فائدة.
وأما المقام الثالث: فربما يقال إن ضم أدلة اعتبار القدرة إلى دليل الوفاء بالعقد يقتضي مانعية العجز، فإن منها قوله (عليه السلام) (لا تبع ما ليس عندك) (3) فإن مقتضاه أن البيع النافذ ما لا يكون كذلك، أي لا يكون من بيع ما ليس عنده، لا ما كان من بيع ما هو عنده، كما أن ضم دليل " لا تكرم الفساق " إلى قوله " أكرم العلماء " يقتضي وجوب اكرام العالم الذي ليس بفاسق، لا العالم العادل، ومنها: قوله (عليه السلام) (نهى النبي عن بيع