نعم إن قام اجماع على كاشفية تلك الأمور أمكن تقريب الكشف بأن حكمه المنع عن التصرفات مطلقا، لئلا يؤدي إلى ابطال حق الغير أو تأخيره، ومع تعقب التصرف بأحد تلك الأمور لا يؤدي واقعا إلى تفويت الحق ولا إلى تأخيره، فلا مانع من نفوذه من حين صدوره، والله أعلم.
- قوله (قدس سره): (ثم إن لازم الكشف كما عرفت... الخ) (1).
أما لزوم العقد على الأصيل فقد مر الكلام فيه في الفضولي، وأن مقام الوفاء بالعقد غير مقام التأثير في الملك بناء على الكشف الانقلابي، فراجع (2).
وأما عدم جواز الإذن للمرتهن في الفك، فالوجه فيه أن الإذن وإن لم يكن فسخا للعقد وضدا للوفاء، وتصرف المرتهن ليس ضدا للوفاء - إذ لا عقد له حتى يكون مأمورا بالوفاء - إلا أن التصرف التسبيبي المتحقق من الراهن بإذنه كتصرفه المباشري ضد للوفاء المأمور به، فلا يجوز منه.
وعليه فهل يجب على الراهن فك الرهن عند حلول الأجل وقبل إجازة المرتهن ورده بمال آخر أو لا يجب عليه؟ حتى يكون الفك ممتنعا، فيدخل تحت عنوان الامتناع الذي هو أعم من الامتناع الاختياري والقهري.
وجه الوجوب أن فك الرهن بأداء الدين واجب من دون تعينه بالذات ببيع العين المرهونة، بل هو مخير بين بيعها وأداء الدين الموجب للفك، وبين أداء الدين بمال آخر، فإذا امتنع الأول بسبب لزوم العقد من قبله تعين الفرد الآخر.
ووجه العدم أن الوفاء اللازم هو عدم نقض البيع الوارد منه على العين المرهونة ولو بالإذن في بيعها للمرتهن، وأما اتمام البيع برفع المانع عن نفوذه بفك الرهن من مال آخر فلا يجب، كما لا يجب شراء ما باعه من مالكه تتميما للوفاء بايجاد شرط تأثيره - وهو الملك -، فكما لا يجب ايجاد شرط النفوذ كذلك لا يجب اعدام المانع عن نفوذه.