وأما منافاة حق المجني عليه للنقل والانتقال فمدفوعة بالفرق بينه وبين حق الرهانة، فإن المحبوسية على دين الراهن مع خروجه عن ملك الراهن وعدم رضا المشتري ببقائه على الرهانة متنافيان، بخلاف حق القصاص والاسترقاق فإنه يتبع العين سواء كان مالكه زيدا أو عمروا، فلا يسقط الحق بانتقاله من زيد إلى عمرو، حتى يكون الانتقال منافيا للحق فلا ينفذ، ومنه يظهر أن نفوذ هذا العقد لا يؤدي إلى سقوط حق الغير، فلا وجه لانفاذه مراعى، فضلا عن ابطاله رأسا.
نعم الذي ينبغي أن يقال: هو أن المشتري إن كان عالما بالجناية وحكمها ومع ذلك أقدم على الشراء فقد أقدم على الضرر (1)، إذا أدى الأمر إلى القتل أو الاسترقاق فلا خيار له، ولا غرر للعلم بالمبيع ذاتا وصفة كما وكيفا، والقدرة على التسليم والتسلم، وأول الأمر إلى عدم بقائه على ملكه كأول المرض المعلوم إلى الهلاك أو الرمد أو العمى.
وإن كان جاهلا بالجناية فإن كان مثل الجناية عيبا ونقصا في المبيع عرفا فله الخيار قبل القتل أو الاسترقاق، وإن لم تكن عيبا فالخيار من جهة الضرر، فلا خيار إلا بعد أحد الأمرين، وعلى الأول يرجع الجاني بأعمال الخيار إلى ملك مولاه، وعلى الثاني فإن اختار ولي المجني عليه القتل فهو كما في سائر موارد التلف يرجع العبد إلى ملك مولاه، وينتقل البدل إلى المشتري، وإن اختار الاسترقاق فلا يمكن رجوع الجاني بالفسخ إلى ملك مولاه مع كونه ملكا للولي، لاجتماع الملكين على عين واحدة، فلا بد إما من تقدير الملك فيكون الملك الحقيقي للولي، والتقديري للمولى، وإما من القول برجوع العين بماليتها لا بشخصها إلى المولى - كما فصلنا القول فيه في أوائل البحث عن ملزمات المعاطاة - فراجع (2).
ثم لا يخفى أن الاسترقاق ليس إلا أخذ الجاني رقا وملكا لنفسه، فلا يقتضي بوجه انفساخ العقد، فهو نظير الشفعة، فإن حق الشفعة ليس إلا حق تملك حصة