الشيخ (رضي الله عنه) إلى أمير المؤمنين، ففي الأول (أم الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها) (1) وفي الثاني (فما جنى هو - أي المدبر وأم الولد - فالمولى ضامن لجنايتهم) (2).
وتقريب الأول: أن كون الجناية على السيد، إما بمعنى ثبوت مقتضاها عليه تكليفا، وإما بمعنى ثبوته عليه وضعا، وإما بمعنى أن الجناية خسارة وضرر على السيد، فحرف الاستعلاء على الأولين باقتضاء طبع الثبوت التكليفي والوضعي للتعدي بها، وعلى الثالث باقتضاء تضمن الضرر، والثبوت التكليفي وإن كان يلائم وجوب الدفع ووجوب الفداء فلا يتعين الأخير، إلا أن الثبوت التكليفي إنما يناسب ما إذا كان المتعلق عملا من الأعمال، كما قيل " عليك أن تفعل كذا " أو " عليه الصوم أو الصلاة " والثبوت الوضعي ظاهر في كون مقتضى الجناية أمرا في ذمته، فإن دفع الجاني خارجا لا ثبوت وضعي له، بل لو فرض أن المجني عليه يملك الجاني لم يكن هذا ملكا على مولاه، فاعتبار كون مقتضى الجناية على المولى وضعا مساوق لاعتبار ملكه للفداء على ذمة المولى.
وأما الثالث - فهو كما أفاده (قدس سره) - إن كان ملائما لدفع العين ولأداء الفداء، لأن كليهما خسارة مالية على المولى، لكنه يمكن أن يقال إن ظاهر المقابلة بين جنايتها في حقوق الناس وجنايتها في حقوق الله تعالى - وأن الأولى على سيدها وأن الثانية في بدنها - هو تمحض الضرر في الأولى على السيد، وتمحض الضرر في الثانية على أم الولد، وذلك لا يكون إلا بتعين الفداء في ذمة السيد.
وأما دفع الأمة خارجا فهو كما أنه ضرر على السيد من حيث خروج المال عن ملكه، كذلك ضرر على أم الولد من حيث انقطاع تشبثها بالحرية وصيرورتها رقا خالصا، ويؤيده أن الخسارة المالية - من حيث نفس أم الولد - غير ملحوظة، وإلا فجنايتها في حقوق الله - المنصوص في كونها في بدنها - أيضا خسارة في مال السيد،