السبب المقدم على الاستيلاد، دون الملكية المستندة إلى مجموع السببين، كما لا يمنع الملكية الحاصلة بسبب لاحق للاستيلاد عن التصرفات، كما دل عليه صحيح ابن مارد (1).
أقول: ما أفيد مبني على مقدمتين عقلية وشرعية، وكلتاهما محل النظر.
أما المقدمة العقلية: فمجمل القول فيها بأن كلي المطلب وإن كان صحيحا، إلا أن تطبيقه على ما نحن فيه غير صحيح، وذلك لأن حاجة الممكن - بما هو ممكن - إنما هي إلى العلة المفيضة للوجود وما منه الوجود، دون ما هو المسمى بالمقتضي والمعد والشرائط التي لا تعم كل ممكن ولا يفيض منها الوجود، وما يحتاج إلى تلك الأمور كلا أو بعضا تختلف من حيث الحاجة إلى معد أو شرط ونحوهما حدوثا وبقاء، كما أن الاعتبارات الشرعية والعرفية بلحاظ أسبابها وشرائطها مختلفة، فالحيازة سبب للملك متقومة بالقصد، ولا يشترط في بقاء الملك بقاء القصد، بل لو قصد عدمه بقاء لم يمنع عن بقاء الملك، والعقد حيث إنه له اعتبار الحل والفسخ فله اعتبار البقاء، فمع عدم الحل باق وإن زالت الملكية أو انتقلت إلى غير المالك الأول.
وعليه فإذا لم يكن بقاء الملكية إلا بنفس السبب الأول، لم يكن حدوث سبب جديد صالحا للتأثير في الملكية بقاء ولا حدوثا، لأن حدوث ملكية أخرى يوجب اجتماع المثلين، وبقائها لا يحتاج إلى سبب حتى يكون مستندا إلى مجموع السببين، وهذا كله لا ينافي حاجة جميع الممكنات إلى مفيض الوجود عليها حدوثا وبقاء.
وأما المقدمة الشرعية فنقول: إن كان خروج الملكية المستندة إلى مجموع السببين بلحاظ انصراف الأدلة المانعة، فلازمه أن الملك الحاصل قبل الاستيلاد المستند إلى مجموع السببين أيضا غير مؤثر في المنع، مع أنه قطعا ليس كذلك، وإن كان بلحاظ أنه في الحقيقة ملك آخر بعد الاستيلاد فهو واضح البطلان، فإن البقاء فرع الوحدة، وتعدد السبب بقاء لا يوجب مغائرة الملك بقاء مع الملك حدوثا، ومورد صحيح ابن