للمزاحمة مقتضية للوجوب، مع أن التزاحم ربما يتصور بين نفس الحقين لتمامية مقتضيهما ثبوتا وإثباتا فيتزاحمان، ولا يمكن رعايتهما معا فيتخير بين أعمال كل واحد عند تساويهما، ويقدم الأهم منهما عند التفاضل.
وربما يتصور بين مقتضي كل واحد ثبوتا، وهي المصلحة الموجبة لاعتبارهما فيوجب التخيير للمعتبر، أو اعتبار أحدهما بالخصوص، ولا معنى هنا للشق الأول، فإن حق مطالبة الدائن ينتزع من جواز مطالبته المساوق لجواز البيع، وحق الاستيلاد ينتزع من حرمة البيع حتى في صورة عدم أداء ثمنها، فإن قلنا باطلاق دليل الجواز من حيث التمكن من الأداء بالقبول فليس حق الاستيلاد فعليا، بل حق المطالبة فقط، وإن قلنا بعدم الاطلاق لمثل صورة التمكن، فحق الاستيلاد فعلي ينتزع من حرمة البيع في هذه الصورة، كما ينتزع من الحرمة فيما إذا كان الدين غير ثمنها وليس هناك حق المطالبة، إذ لا يجوز مطالبة الأداء بما لا يجوز بيعه.
نعم التزاحم في المقتضيين ثبوتا معقول، وهو موقوف على أن تكون المصلحة موجودة في تمام الأحوال في الطرفين وهو غير معلوم، حيث لا طريق إليه إلا الاطلاق في مقام الاثبات من الطرفين وقد عرفت حاله، نعم لا ريب هنا في فعلية حق المطالبة إذا كان الدين ثمن الجارية، فإنه إما يجوز بيعها في هذه الصورة فله حق المطالبة، وإما يجب القبول فله حق المطالبة، بخلاف حق الاستيلاد فإنه اقتضائي ولا مزاحمة بين الفعلي والاقتضائي، فتدبر.
ثم إنه إذا قلنا بأن دليل الجواز لا اطلاق له لصورة التمكن من تحصيل المال بالقبول فهو بنفسه لا يقتضي وجوب القبول، لأن حرمة البيع يجامع عدم وجوب أداء الدين كما في سائر الديون بالإضافة إلى أم الولد، إلا أن حرمة البيع هنا يلازم وجوب القبول، فإنه لو وجب أداء الدين ولو ببيع أم الولد مع عدم التمكن لوجب مع التمكن، وحيث لا اطلاق لدليل الجواز، ووجب (1) أداء الدين وجب تحصيل المال بالقبول.