بخلاف الوارث فإنه لا يجب عليه إلا من مال الميت، فلا فرق في عدم الوجوب بين مال نفسه المملوك أو المباح له، والجمع بين المالك والوارث في العنوان يقتضي فرض الهبة.
وإن كان التبرع بعنوان الهبة: فالكلام تارة في وجود المقتضي لوجوب القبول، وأخرى في وجود المانع عنه، أما المقتضي فتارة ما يعم المقام وغيره، وأخرى ما يختص بالمقام.
أما الأول: فهو أن وجوب أداء الدين مطلق فيجب تحصيل مقدمته ولو بالاكتساب بما يوافق شأنه، ولا أخف مؤنة من القبول، ولا ينافيه قوله تعالى * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * (1) لأن وجوب الأنظار إلى حصول اليسار لا ينافي وجوب تحصيل اليسار، بل لو فرض أن وجوب أداء الدين مشروط فهو غير مشروط بوجود المال، بل باليسار وعدم الاعسار تارة، وبالوجدان أخرى، وبكونه من أهل المقدرة وكونه ممن يقدر على أداء الحق ثالثة، وهو أوسع العناوين، ومن يتمكن من أداء دينه بمجرد العنوان كان من أوضح مصاديق القادر على أداء الحق، ولأجله ذهب جماعة من المحققين (2) إلى وجوب التكسب لقضاء الدين بما يناسب حال المديون وبقية الكلام في محله.
وأما الثاني: فهو ما أشرنا إليه في أول العنوان وهو الجمع بين الحقين، فإن حق الدائن مزاحم لحق الاستيلاد، وترتفع المزاحمة بالقبول الذي يتمكن به من أداء الدين وإبقاء أم الولد، إلا أن مجرد كون شئ رافعا للمزاحمة ليس بوجه - لا عقلا ولا شرعا - مقتضيا لوجوب القبول، نعم إن كان هناك شئ له مقتض الثبوت (3) في حد نفسه لم يكن بلحاظه الحقان متزاحمين فيجب رعايتهما، لا أن مجرد رافعية شئ