هي ما لا يتوجه على المدعى إلا بعد امتناع المنكر من الحلف حسب ما عرفت تفصيل القول فيه وإن كانت هي غير ما يتوجه عليه بحسب النصف.
وأما دعوى العلم فقد ذكرنا في محله انه على القول باشتراطها في توجه الحلف فيما يكون على عدم العلم ليست من مقومات أصل سماع الدعوى ولهذا تسمع في صورة وجود البينة للمدعي وإن لم يدع علم المدعى عليه بل إنما هي شرط في توجه اليمين على المدعى عليه من حيث اشتراط المطابقة وهذا لا ينافي كون اليمين المردودة على الواقع لا على العلم.
هذا على القول باشتراط دعوى العلم على ما عليه المشهور وأما على ما بنى عليه سابقا من عدم اشتراطها لعدم الدليل عليه غاية الأمر كون الاعتراف بعدم العلم مانعا فالامر واضح كما هو واضح.
نعم ذكرنا سابقا انه قد يتعلق الغرض بدعوى العلم بحيث انه لا يترتب على دعوى الواقع شئ ففي هذا المورد لا مجال للقول بعدم اشتراط دعوى العلم لكن على هذا التقدير تكون البينة على العلم مجدية أيضا كما لا يخفى لأنه بنفسه صار موردا للاثبات والنفي من المدعي والمنكر فتحصل ما ذكرنا أن ما ذكره شيخنا المتقدم لا ورود له على ما ذكره في المسالك أصلا.
نعم يتوجه عليه ما ذكره الأستاذ العلامة من أن مجرد احتمال النكول المترتب عليه الفائدة كيف يوجب الحكم بسماع الدعوى لكنه أيضا مدفوع بناء على ما استقرت عليه طريقتهم من الحكم بسماع الدعوى في كل مورد يرجى ترتب الفائدة عليها وإن شئت توضيح ذلك فارجع إلى بعض ما أسلفناه.
قوله إذا ادعى مدع انه اجراه الدابة وادعى اخر انه أودعه إياه آه أقول لا يخفى عليك ان المسألة من جزيئات التداعي في العين مع كونها في يد الثالث فيجري فيها جميع ما تقدم في كلي المسألة من حكم صورة تصديق المتشبث لهما أو لأحدهما وحكم صورة عدم تصديقه لأحدهما وصورة وجود البينة لهما بدون الترجيح أو معه أو لأحدهما وصورة عدم وجودها لأحدهما ومن هنا أورد الأستاذ العلامة دام ظله العالي على أنه لا وجه لذكر المسألة هنا بعد التكلم في كلي المسألة بشقوقها وأقسامها لان الكلام في المسألة فيما مضى كان أعم من صورة اطلاق الدعوى منهما أو تقييدها بالسبب منهما بأي سبب كان متحدا أو متعددا أو من أحدهما إلى غير ذلك فلا وجه لذكر الخاص بعد العام اللهم إلا أن يكون من جهة ورود النص به أو من جهة تبعية القدماء حيث إنهم عنونوا المسألة أو من جهة الإشارة إلى كفاية دعوى التمليك الضمنية إلى غير ذلك.
وبالجملة العبارة ظاهرة بل صريحة في كون المسألة من الاختلاف في الاملاك لا من الاختلاف في العقود ولهذا ذكره المصنف في فصله كما صنعه غيره أيضا قال في الارشاد حسبما حكى عنه نعم لو أقام بينة بايداع ما في يد الغير منه واخر بينة باستيجار القابض منه أقرع مع التساوي ومثله حكى عن التحرير هذا.
ولكن ذكر في المسالك ان ذكر المسألة في باب الاختلاف في العقود أولى حيث قال في شرح العبارة ما هذا لفظه المراد ان الدابة في يد المدعى عليه والمدعيان خارجان فادعى أحدهما أنه اجرها من صاحب اليد و ادعى الآخر انه أودعه إياها فإن لم يقيما بينة حكم بها لمن يصدقه المتشبث وإن أقام كل منهما بينة بدعواه تحقق التعارض بين البينتين مع الاطلاق أو اتحاد التاريخين وحينئذ فيرجع إلى ترجيح إحدى البينتين بالعدالة أو العدد فإن انتفى فالقرعة ولو تقدم تاريخ أحدهما بنى على الترجيح به وعدمه وقد تقدم نظيره في الملك وسيأتي مثله وقد كان ذكر هذه المسألة في المقصد الثاني أولى لان الاختلاف فيها اختلاف في العقود انتهى كلامه